متى سيفهم انه أدخل اليمن في اكبر نفق من العبث والفوضى، استمر يتصدر عمليات حفره الممنهجة بشكل إصراري مذهل طيلة حكم نظامه العجيب والنشط الذي يبدع دائماً في تغيير جلده مثل ثعبان أسطوري مجنح ومتعدد الرؤوس . النظام الذي كان ولا يزال ورطة اليمنيين الأكبر ، ولقد طور استحقاقه وجدارته العتيدة في نيل اللقب عبر إنتاج ومواصلة إنتاج هذا الكم الفائض واللامتصور من مآزق الخراب على كافة المستويات والأصعدة والقيم بالمحصلة.
نظام مراكز القوى والنفوذ والهيمنة التي استغلت الدولة، ونزعت عنها الوطنية، وسخرتها لمصالحها الخاصة ، كما احتقرت المواطنة والتمدن والعدالة ، ولم تحترم طيلة عقود أي شيء مثل الفساد وتجريف السيادة والتجانس مع التخلف .. متى سيفهم ان كل الكم المهول من المآزق اللامعقولة داخل الدولة والمجتمع هي من صنع معاوله التي مازالت مستمرة حتى اللحظة ومتوحدة في دأبها التاريخي وهمتها المعهودة والدءوبة في انجاز وتنمية مختلف المآزق المسيطرة والمنتشرة والزاخرة بمجمل التداعيات المختلفة والرهيبة على حاضر ومستقبل اليمن، وبالذات، أحلام اليمنيين الوطنية وآمالهم في التغيير والتطور والتقدم والنجاة ، الخ . متى سيفهم ان اليمنيين صاروا واثقي الفهم والفرز من ازدياد التحامه في شأنه الراسخ رغم كل التحولات المفترضة .. ثم إلى متى سيظل يتجاهل انه كاد يدفن الدولة ويدخل الشعب في أكبر نفق قيمي ، شقته وتستمر في توسيعه بالضرورة كل تلك المعاول التي تمت صناعتها من خلاصة آفات الطغيان وعلل العصبوية وجرائم العنجهية وشرور نهب المال العام والإثراء غير المشروع . النظام التمويهي والتكتيكي الذي يواصل جوهرياً واستراتيجياً مسيرته الظافرة ضد محاولات الانعتاق منه.
يمثل التجسيد الخصوصي لأسطورية الثعبان متعدد الرؤوس كما أسلفنا، بحيث يحدث أن تتعارك الرؤوس فيما بينها أحياناً، على أن لايتطور الأمر أكثر من ذلك ، ليس لأنها ذات جسد واحد فقط، وإنما –وهذا الأهم-ذات روح واحدة في الأساس.
fathi_nasr@hotmail.com