لم أكن أتوقع أن تصل سفن أسطول الحرية شواطئ غزة، إلا أنني لم اكن أتوقع أيضاً أن يسقط قتلى وجرحى على متن تلك السفن لاعتقادي بأن الحكومة الاسرائيلية على قدر من الذكاء والتكتيك كي تستفيد إعلامياً من انطلاق قافلة الحرية، ولربما اعتقادي لا يزال في محلّه فإسرائيل لم تعد بحاجة لأن تثبت للعرب أنها أقوى دولة في العالم، بل كانت بحاجة لأن تثبت لتركيا وأوروبا ذلك، وكذلك فعلت.. فقد استفادت اسرائيل من ضعف التغطيات الإعلامية العالمية لأسطول الحرية، لتصبح اسرائيل هي نفسها مصدر المعلومات لوكالات الأنباء في العالم.
أسطول الحرية أو "أسطول اسطنبول" كما أسمّيه، لم يكسر حصار غزة بل أثبت لنا نظرية ربما تجاهلناها منذ زمن وهي أن العرب ربما ينتظرون "مخلوقات فضائية" ليأتوا ويخلّصونا من الوجود الإسرائيلي في قلب الدول العربية فلسطين، فعندما أقرأ المتابعات الإعلامية لمسيرة القافلة أجدها تتحدث عن تركيا فقط، تركيا قالت، تركيا قررت، تركيا ردّت، تركيا اجتمعت.. ولم يخرج مسؤول عربي واحد ليقول حتى كلمة "تعازي" للذين استشهدوا على متن القافلة، رغم أننا تشبّعنا التعازي والاستنكارات.
أشعر باشمئزاز وخزيٍ وعار عندما تقوم الجيوش العربية بحماية السفارات الإسرائيلية في هذه اللحظة التي يُحاصرُ فيها المتظاهرون الأتراك القنصلية الإسرائيلية ومنزل السفير الإسرائيلي في اسطنبول بتركيا، كم موقفاً إجرامياً تبقّى لكي تشعر الحكومات العربية مجرد شعور أنه يجب عليها فقط إعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل..؟
نحن لا ننتظر أن تَمثل إسرائيل أمام محكمة دولية، ولا ننتظر محاكمتها فالعالم أجمع لم يستطع إدانتها رسمياً بعد حرب غزة، والآن بعد أن أثبتت إسرائيل للإتحاد الأوروبي أنها غير مكترثة حتى بأرواح الأوروبيين، أي حلٍّ دبلوماسي يُجدي؟ أيُّ شجبٍ رسمي يُجدي؟
لن أعوّل كثيراً على أي شيء، لكن هل نتوقّع ردّاً عسكرياً من أردوغان؟
osamaa@gmail.com