من خلال مشروع «المقاومة» الذي يعلنه «حزب الله»، استطاعت إيران انتزاع الحدود اللبنانية، وزجها تحت الإشراف الدولي، وخلق مزيد من المبررات لاستمرار التوتر وتدفق السلاح، واستخدامه لضرب شرعية الدولة اللبنانية وإعاقة دورها. وحاولت خلق حال مشابهة خلال الحرب على غزة، بإشغال مصر وتوتير علاقاتها مع الفلسطينيين، والنيل من دورها وموقعها. واليوم تسعى طهران الى خلق حال مشابهة من خلال نقل التمرد الحوثي الى الحدود السعودية.
كان للعرب دور الفرجة خلال الحرب الأميركية على العراق، والنتيجة ان الغزو الأميركي نجح، خطأ أو عمداً، في وضع العراق في عهدة النظام الإيراني. وتعاملوا مع ما يجري في لبنان بوصفه شأناً داخلياً، وساعد موقفهم في تحويل لبنان رهينة في يد المشروع الإيراني. وخلال الحرب على غزة، ترك العرب مصر تواجه التشويه وتوتير حدودها، ومعاودة طرح فصل غزة وإلحاقها بالإدارة المصرية، وكرر العرب سلبيتهم تجاه التمرد الحوثي في اليمن، حتى وصل المشروع الإيراني الى الحدود السعودية.
ان تزايد دور «حزب الله»، و «حماس»، و «الحوثية»، والأحزاب والقوى الانفصالية التي تتخذ من الدين والجهاد ستاراً لأطماعها السياسية، يشير بوضوح الى ان ايران تنفذ مشروع تقسيم دول المنطقة، من خلال استغلال دور القوى الانفصالية وتضخيمه، فضلاً عن أن الدور الايراني استثمر حال التشرذم والوهن العربي العام .
لا شك في ان البعد السياسي والإقليمي أهم وأخطر من العمليات العسكرية الجارية على الحدود بين السعودية واليمن، وتصريح الحكومة الأميركية اللافت والمقلق في آن، زاد حال القلق مما يجري. فواشنطن عبرت عن قلقها من استهداف المدنيين، من دون الإشارة الى حق السعودية في حماية سيادتها وأمنها، فضلاً عن أن اختراق الحدود السعودية جاء بعد التوتر بين باكستان وايران، وكأن طهران تريد الضغط على باكستان من خلال استهداف الحدود السعودية. ولكن، على رغم كل هذا التشابك والغموض ثمة من يسأل، من أين لإيران هذه القدرة على الاختراق وتسليح المتمردين، ومن هي الأطراف التي تدعم إيران في المنطقة، ولماذا؟
*نقلا عن صحيفة دار الحياه: