يوشك مؤتمر الحوار الوطني على الانتهاء , بعد ان تقدمت معظم لجانه وفرق عمله بتقاريرها النهائية , وتم مناقشتها والتعديل والاضافة عليها من قبل مختلف المكونات المشاركة في الحوار , وبرغم التحديات والصعوبات والعراقيل التي اعترضت مسار الحوار الوطني طوال الاشهر الماضية , ورغم ايضا تجاوز الفترة المحددة لانتهاء اعماله وتمديدها لما يقارب الشهرين أو اكثر من ذلك , إلا أن الحوار خلال هذه الايام يشهد مرحلته الاخيرة ويكاد يكون في لحظاته الاخيرة للانتهاء من اعماله واختتام جلساته وكافة فعالياته , لنكون خلال ايام قليلة قادمة امام مشروع وطني حقيقي شاركت في اعداده وصياغته كافة مكونات وشرائح وقوى واحزاب ومنظمات المجتمع اليمني .
وهنا تأتي التنافسات الحميمة في تقديم رؤى ومشاريع الاحزاب والمكونات المشاركة والممثلة في المؤتمر - لمرحلة ما بعد الحوار , كمؤشر واضح على اصرار وعزم المتحاورين في انجاز مهمتهم , والعمل على تهيئة اجواء ومناخ مرحلة ما بعد اختتام الحوار وهي المرحلة التي ستشهد تنفيذ وترجمة مخرجات الحوار على ارض الواقع , كمرحلة انتقالية ثانية تستكمل فيها عملية التغيير السلمي وتبنى من خلالها دولة جديدة بمؤسسات وأجهزة جديدة ودستور وقوانين جديدة تنسجم مع تطلعات واحلام أبناء اليمن في الداخل والخارج.
لا شك ان مرحلة ما بعد الحوار لن تكون مرحلة سهلة أو يسيرة , بل ربما قد تكون من أعقد وأصعب المراحل التأريخية في بلادنا , لكونها هي المرحلة العملية والتطبيقية التي ستترجم فيها واقعيا مخرجات حوار ثمانية اشهر , ومواد ونصوص واحكام الوثيقة النهائية للمشروع الوطني الصادر عن مؤتمر الحوار الوطني , لاسيما وعملية التجاذبات والمماحكات بين اطراف عدة في المعادلة السياسية لا تزال قائمة وحاضرة حتى الآن , ولم تنقطع أو تتوقف طوال فترة اعمال الحوار وهي ايضا مرشحة للتصاعد خلال الايام القادمة , نظرا للجدل والخلاف القائم بين المكونات على بعض القضايا الرئيسية كالعدالة الانتقالية والقضية الجنوبية وشكل الدولة وغيرها من القضايا الخلافية العالقة في مؤتمر الحوار حتى الآن.
لقد حولت أطراف وقوى متعددة - السعي الى افشال الحوار وضرب العملية السياسية القائمة , وعملت من اجل ذلك مرارا وتكرارا ومازالت مستمرة بمحاولاتها وسعيها الحثيث لتحقيق اهدافها في افشال الحوار وارباك المشهد السياسي , من خلال افتعال المزيد من القضايا والمشاكل وصناعة الأزمات والعراقيل والتحديات على الساحة الوطنية , وتحديدا أمام مؤتمر الحوار الوطني وامام الرئيس هادي الذي يحاول جاهدا العمل على اخراج البلاد مما هي عليها الآن من الأزمات والمشاكل والقضايا التي تتهدد أمن واستقرار ومستقبل البلاد والعباد , غير ان ثقتي بالله تعزز من يقيني وايماني بأن الله سيحبط كل محاولاتهم ومساعيهم هذه , لينتصر الله في نهاية المطاف للإرادة الشعبية وللغالبية العظمى من أبناء هذا الوطن الغالي .
ان مرحلة مابعد الحوار قد تتعرض للعديد من التحديات والعراقيل , وقد تواجه عدداً كبيراً من الازمات والمشاكل, لكن ذلك يجب ان لا يحول بيننا وبين ما نصبو اليه وننشده ونسعى الى تحقيقه في المستقبل القريب وخلال المرحلة القادمة , وهذا الأمر يتطلب من كافة مكونات الحوار الوطني وجميع ابناء الوطن - مضاعفة الجهود وبذل كل ما في وسعهم في سبيل تهيئة أجواء وظروف مرحلة ما بعد الحوار , وتوفير المناخ المناسب لتنفيذ مخرجات ومكاسب الحوار الوطني وتحويلها الى مشاريع وبرامج واقعية وعملية تلامس احتياجات ومتطلبات المواطنين في عموم مدن وقرى وارياف اليمن الحبيب , و أيضا من هم في دول الغربة والمهجر من اليمنيين الذين أجبرتهم الظروف على مفارقة أهاليهم وذويهم وأقاربهم ووطنهم في سبيل لقمة العيش التي لم تتيسر لهم في وطنهم .
إنها مسؤولية جماعية ومشتركة يجب ان يعمل الجميع من اجلها , فالجهود التي بذلت خلال الاشهر الماضية يجب ان تكلل بالنجاح , ويجب ان تثمر وينال ثمرتها جميع اليمنيين , عبر الاتفاق والتوافق والشراكة والمشاركة في بناء مؤسسات ومرافق وأجهزة الدولة الجديدة والمدنية الحديثة والمتطورة , واعادة صياعة دستور وقوانين جديدة تتضمن كل ما ورد من قرارات وتوصيات ومواد في التقارير النهائية لفرق عمل مؤتمر الحوار الوطني .