تماوجت الأوضاع في أوكرانيا الأكثر حساسية بالنسبة لروسيا، فتبارى فرقاء الساحة الأوكرانية من القوميين المقيمين في نوستالجيا “وطن النقاء العرقي”، الرائين لمجد الرأسمالية الموعودة وفق النموذج الأوروبي الغربي، وكان لفساد النظام الأوكراني على عهد الرئيس المخلوع أثر مؤكد في التداعي الحُر نحو الانهيار الانقلابي الذي تمَّت مباشرته من قبل تحالف اليمين غير الليبرالي، والقوميين الشوفينيين المتجاوزين لمنطق التاريخ والجغرافيا.. ذلك أن أوكرانيا التاريخية سلافية العقيدة واللغة، تنصبُّ في مجرى الأرثوذكسية الروسية العتيدة، فيما تتاخم الروسية بلغة موازية لها، بل إن الروسية تعتبر لغة الانتلجنسيا الأوكرانية بعموم اتجاهاتها ومشاربها. لكن هذا ليس نهاية المطاف، فهذه المنطقة التي أنجبت الزعيم السوفيتي خروتشوف نالت هبة استثنائية، عبر تقديم شبه جزيرة القرم الروسية كهدية ناجزة في عام 1954م، مقابل انخراطها في الاتحاد السوفيتي، فيما ظلت ذات المنطقة خليطاً من القومية الروسية وأقليتين تتارية إسلامية وأوكرانية أرثوذكسية.
كانت لعبة شد الحبل بين روسيا والاتحاد الأوروبي واضحة المعالم منذ مشروع الاتفاقية الخاصة بتأهيل أوكرانيا لمنظومة الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.. لكنه ليس تأهيلاً مجانياً، فعلى أوكرانيا لتنال موقعها في الاتحاد الأوروبي الاستجابة لقواعد المعايير الأوروبية في مجمل جوانب الحياة، كما حدث مع رومانيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر.
المقابل الناجز للتوقيع على اتفاقية الانخراط في المنظومة الأوروبية يوازي حمية قسرية، وتنكُّباً لمشقة تأهيل يجعل الاقتصاد الأوكراني في مباراة حرة مع الكبار، وتسليماً غير مشروط لانتشار الشركات الغربية العابرة للقارات، وحملة السمسونايت من مُستثمري الفرصة السانحة، وستكون المحصلة الإيجابية الافتراضية مؤجلة بكل المعاني.
Omaraziz105@gmail.com