إن الحوادث التي وقعت مؤخراً في عالم الإرهاب قد فتحت باب من الويلات وكشفت عن الأوضاع الوخيمة في الجمهورية اليمنية. في يوم الكريسماس من العام 2009، صعد مواطن نيجيري بسن 23 عام على متن طائرة ركاب تابعة لطيران نورثويست من مطار أمستردام في هولندا كانت متوجهة إلى مطار دترويت، وكان يحمل متفجرات خبأها تحت ملابسه الداخلية.عندما اقتربت الطائرة من مطار دترويت، حاول الوغد إشعال القنبلة، مما تسبب باندلاع حريق لكن القنبلة لم تنفجر. وكان هنالك راكب شديد اليقظة تمكن من منع الشخص من فعلته في حين قام ركاب آخرون بإطفاء الحريق. ولو أن القنبلة انفجرت، لكانت أودت بحياة الكثيرين من البشر الراكبين على متن الطائرة وممن كانوا على الأرض.وقد تم التأكد لاحقاً من أن الشاب النيجيري كانت له صلة بالقاعدة في اليمن وأنه تلقى التدريب والتوجيهات من ذلك المصدر. وسرعان ما قام رجال حفظ النظام باعتقال النيجيري بمجرد أن حطت الطائرة على الأرض؛ ولقد تم أخذه إلى الحجزفي دترويت.في ضوء الحوادث الإرهابية الكارثية والتهديدات الأخيرة من قبل علماء دين مسلمين يمنيين للحث على الجهاد ضد الولايات المتحدة الأميركية وأي بلد أجنبي آخر قد يتدخل في شؤونهم، بات من الواضح أن القاعدة لديها سيطرة قوية جداً على مجريات الأمور للإدارة الحالية في اليمن. وكانت الزيارة السريعة التي أجرتها وزيرة الخارجية الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة إلى العاصمة اليمنية صنعاء، لمدة يوم تقريباً، للتحدث مع من يزعمون أنهم في الحكومة، كانت قد أوجدت أوهام وأعطت أفكار كاذبة عن الإرهاب الإسلامي المتعصب. إن السذاجة من نقاط ضعف البشر وقد يوقع فيها الكثيرون؛ حيث أن العديد من أعضاء الكونجرس زاروا المنطقة وعادوا بمفهوم زائف للقبول بوضع شديد التعقيد.اليمن بلد واسع تمتد فيها الجبال والوديان لمسافة المئات من الأميال ويتعذر اختراقها من كل النواحي العملية. إن التضاريس وعرة جداً لدرجة أن الآلاف من المنشقين يمكنهم الاختباء في منطقة صغيرة جداً من الأراضي النائية دون التمكن من اكتشافهم.صحيح أن الطائرات بدون طيار تستطيع استكشاف المنطقة لكنها لا تتمكن من تحديد موقع شخص واحد. من ناحية ثانية، يمكن مراقبة مراكب الاستطلاع هذه من عدة أماكن مواتية على الأرض ومن ثم يمكن لأي شخص حاصل على التدريب المناسب تدميرها باستخدام أسلحة أرض جو والتي يسهل توفرها في العديد من المصادر الأجنبية.إن البريطانيين، مع كل ما لديهم من تاريخ في التفوق الحربي، لم يتمكنوا من التغلب على تكتيكات الكر والفر التي يتبعها الإرهابيون الجبناء.تتساوى الأوضاع في اليمن مع أوضاع أفغانستان\باكستان حيث ينفس المحاربون عن حدة طباعهم من خلال القيام بنزهات دموية إلى المناطق المستضعفة ومن ثم العودة إلى موطنهم الطبيعي من دون التعرض لانتقام أو حتى اكتشاف.لو أن الأركان العامة الأميركية، بكل ما يتمتعون به من حنكة ومعرفة، قاموا حتى عن بعد بتدبير حملة عسكرية لإيجاد أوكار القاعدة ومعسكراتها التدريبية، فإنهم لا شك يواجهون كارثة.خلال الفترة من 1963 وحتى 1965، عملت لدى سلح الجو الملكي في عدن (باليمن) التي كانت حينها حامية بريطانية وتقرر تحديدها في ذلك الوقت منطقة حرب للسيطرة
العسكرية البريطانية ككل التي طلبت منها رسمياً الحكومة الفدرالية الموالية حماية شعبها ومرافقها الاستراتيجية من حركات العصيان المستمرة من قبل الإرهابيين.وما أشبه اليوم بالبارحة، حيث أن استراتيجيات الأقليات أذهلت تكتيكات الأغلبية، والتي أدت في الأخير إلى مواجهة عسكرية مطولة داخل وحول الحامية.إنه من العبث الدخول في عراك مع خصم داخل فناء منزله، واسألوا الروس الذين كانوا في أفغانستان. ثم اسألوا البريطانيين والروس مرة أخرى كونهم دخلوا جميعاً في صراع عسكري في اليمن، ووقعت خسائر في الأرواح من الجانبين.هنالك حل للمشكلة المحيرة التي تبدو مستحيلة ويتعذر تحديد أبعادها، لكنه يتطلب درجة عالية من التبصر. وعلى العموم، في رأيي أن كل شيء مقبول من أجل حماية أرواح أفراد قواتنا وضمان أمن الولايات المتحدة الأميركية.إن التلويح بمعاهدات جنيف لغرض استرضاء الشعب الأميركي يعد بمثابة التعتيم على حقيقة الوضع. لو أن أحداً فكر في التعذيب بالغمر بالماء، سأكون سعيداً ومستعداً لإجراء زيارة إلى اليمن للمتحررين المسالمين والساعين وراء النهج الفعال للديمقراطية. لو أنهم رأوا المذابح التي يرتكبها المتطرفون الإسلاميون السفهاء، ربما يتغير موقفهم.قطع الرؤوس هو المعيار، خصي أعدائهم هو المبدأ، التمثيل بأسراهم بأساليب شيطانية للغاية هو السـُنة. إذا لم تقاوم النار بالنار، فاستسلم للشر. إن الشيء الوحيد الذي يفهمه الإرهابي هو الضرب بعنف، فحينئذ سيفكر مرتين فيأي شكل من أشكال الانتقام أو الأخذ بالثأر.
* موقع صحيفة نيوز- جورنال أونلاين الاميركية: