|
|
|
|
|
اليمن: سياسة التجويع استراتيجية عسكرية للتحالف.. وعلاقتها بتهجير السكان.. والاحلال الديموغرافي
بقلم/ كاتبة/منى واصف
نشر منذ: 6 سنوات و شهر و 24 يوماً الأحد 30 سبتمبر-أيلول 2018 08:43 ص
منذ اكثر من اربعة اعوام انتهج التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية في حربه على اليمن، سياسة الارض المحروقة، من خلال ضرب معامل ومصانع الاغذية، وحتى مزارع الدواجن، وتم تدمير الطرق الرئيسية بين المدن الى جانب استهداف قاطرات الاغذية ، وقوارب الصيادين، وترافق ذلك مع فرض حصار بري – جوي وبحري خانق حال دون وصول المساعدات الغذائية الشحيحة ، والتي لاتلبي الحاجة الحقيقة على الارض.
ساهم كل هذا بزيادة نسب الفقر الغذائي، وزيادة تهديد انتشار المجاعة في واحدة من افقر محافظات اليمن، وهي التي تقع في سهل تهامة غربا، وخاصة في محافظتي حجة والحديدة، حيث تدور هناك منذ اكثر من 3 سنوات معركة محاولة الاستيلاء على الساحل الغربي وميناء الحديدة الشريان الوحيد للحياة وتدفق البضائع.
محافظة الحديدة عرفت بانها افقر محافظات الجمهورية، وكان السكان هناك يعتمدون بدرجة رئيسية على الزراعه والصيد. وبالتالي فان قطع الطرق وعدم توفر المشتقات النفطية يقلل من امكانية استمرار هذه المهن حث يصعب استخراج الماء من الابار، وصعوبة التنقل.
تفاقم الوضع، وزاد سوء مع استمرار الحرب، وصارت مناطق باكملها مناطق منكوبة ، وهي مناطق مكتضة بالسكان، حيث لايستطيع غالب السكان هناك النزوح الى مناطق اخرى اكثر امانا وايجاد فرص عمل اخرى بسبب سوء الوضع المادي للاسر من ناحية ، ومن ناحية اخرى لعدم قدرة منظمات الاغاثة الوصول لهم .
سلفيي دماج الى الحديدة
تبدو سياسة التجويع لهذه المناطق ممنهجة ومدروسة بهدف تهجير سكان هذه المناطق وافراغها، وتحويلها الى مناطق استيلاء جديدة لسكان جدد موالين للتحالف، كمحاولة احلال سلفيي دماج من طلاب المعاهد السلفية و”كثير منهم من جنسيات غير يمنية” لتكون الحديدة وجهتم ، حيث تم اخراجهم من صعده على مراحل من العام 2011 – 2014 بعد حصار الحوثيين لهم، وكانت الحديدة في البداية هي الحاضن البديل لهم، غير ان الخطة تحولت الى مناطق اخرى في جنوب شرق اليمن .
ففي ذلك الوقت قام الحوثيون بطرد سلفي دماج من شمال اليمن في صعده، بعد حصار اسفر عن اتفاق على ان تكون “الحديدة” غرب اليمن هي وجهتهم البديلة، ونقل اكثر من 12 الف سلفي الى الحديدة في 2014 بعد موافقة زعيم السلفيين على ذلك، ولكن بقى الغموض يلف عمليه التهجير والانتقال الى الحديدة، في وقت اشارت فيه تقارير اعلامية على ان قرار الترحيل جاء برغبه امريكية ومباركة سعودية
لكن الوضع على الارض بعد ذلك اكد سيطرة الحوثيين العسكرية 2014 على محافظة الحديدة ، وبقيت الحديدة والمناطق الغربية تحت سيطرة الحوثيين، ولم يتمكن التحالف العربي من اقتحامها.
الارقام المفجعة
وهنا تتفاقم قضية “افقار” المنطقة، وتبدو هي الوضع الانساني الاكثر الحاحا في اليمن والسبب الاهم لايقاف الحرب ، وبرغم الارقام المفزعة عن حالة السكان حيث يهدد اكثر من 80% من اليمنيين بمن فيهم اكثر من 5 مليون طفل يمني في واحدة من اكثر المناطق اكتضاضا بالسكان
وقضية الفقر الغذائي في اليمن قديمة ، وبدات قبل الحرب الاخيرة 2015 وكانت غير مبرره حيث ان منطقة سهل تهامة على وجه التحديد تعتبر من اغنى المناطق الزراعية، واكثرها خصوبه، ولم يكن هناك سبب واضح لتفشي الفقر والمجاعة فيها، والتي تفاقمت وزادت حدتها مع اندلاع الحرب هناك ويساهم في تفاقم المجاعة ارتفاع اسعار المواد الغذائية 70% منذ العام 2015 الى جانب انهيار العملة المحلية.
في هذه الاثناء تضخ الالة الحربية الدعائية للتحالف خطابا يحمل الحوثيين وحدهم مسؤولية الوضع الانساني هناك، غير ان تقارير المنظمات الانسانية تتحدث عن عرقلة وصول المساعدات، بل وجعل تلك البيئة بيئة طاردة للمنظمات الانسانية، وتقلل من فرص الاغاثة والاجلاء والايواء.
وتكررت حملات انسانية على مدار السنوات الاربع الاخيرة لانقاذ سكان تلك المناطق واعلنت الامم المتحدة عن خطط عاجلة للانقاذ ما لبثت ان اعلنت بعدها فشلها وعدم قدرتها على انقاذ الوضع.
ممرات التهجير الانساني
وفي ظل هذه الازمة الانسانية الفادحة يعلن التحالف عن فتح “ممرات انسانية” لخروج الاهلي من هذه المناطق، ليتم اخلاء المنطقة، في وقت يترافق مع بث الدعاية عن اقتحام بري محتمل، يواكب ذلك قصف جوي يستهدف المنشات المدنية، ووقوع مجازر وفضائع بحق المدنيين، في المدن الساحلية ، والمبان والمنشات المدنية ، ومنها بيوت المواطنيين والمزراعين، اضافة الى استهداف الصيادين في تلك المناطق الساحلية ، باعتقالهم وتعذيبهم، وقتلهم.
فقد تم توثيق عدد من جرائم الحرب باستهداف المدنيين في تلك المناطق، من بيوت وتجمعات سكانية ، اضافة الى استمرار قصف معامل الاغذية ومنها مطاحن البحر الاحمر الوحيدة في المنطقة ، والتي كانت تسهم في انتاج الطحين كمكون غذائي اساسي.
ويقوم التحالف بتوزيع مساعدات غذائية شحيحة يعلن عنها من حين الى اخر في مناطق متفرقة ، ليبقى الاهالي معتمدين على السلل الغذائية، من مراكز ومنظمات الاغاثة، في حين ان احتياجهم لعودة نشاطعم الزراعي والبحري ، وعدم استهدافهم هو الاولى .
ويساهم قطع المشتقات النفطية في عرقلة وصول هذه المساعدات الى واحدة من اكثر المناطق النائية في اليمن، حيث مازلت هذه المنطقة قاعدة عسكرية مهمة للحوثيين، تماما كما هي للتحالف السعودي – الاماراتي .
وتبقى واحدة من اهم الخطط المستقبلية للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتجية من قبل التحالف السعودي ،هي تغير التركيبة السكانية هناك. نظرا لاهمية موقع الحديدة ومينائها في خط التجارة والملاحة الدولية. واشرافها على باب المندب.
افشال الاغاثة
فشل جهود الاغاثة او افشال جهود الاغاثة دفع بالكثير من السكان الى الهجرة والنزوح الداخلي الى مناطق بعيدة في الشمال كصنعاء وتعز ، والى الجنوب “المهرة- حضرموت- البيضاء” وهي هجرات تعتمد على القدرة المادية للنازحين ، في حين يضظر الفقراء لمواجهة مصيرهم.
اليمن جغرافيا هو بلد مفتوح على البحر 2500 كيلو متر هو طول شريطه الساحلي لكن هذا الشريط الساحلي تم الاستيلاء عليه من قبل الامارات والسعودية ، حيث ان 80% من الموانئ اليمنية من ميناء نشطون في المهرة في اقصى الشرق، الى ميناء المخأ في اقصى الغرب تقع تحت سيطرة الامارات العربية.
الى جانب غلق المنافذها البرية .. والمطارات الدولية ، ليبدو ان اليمن اصبحت مغلقة بالكامل ومحجتزة بيد التحالف ، وليس بيد القوات الحكومية اليمنية، وهو امر يخالف اولا الاهداف المعلنة للحرب من قبل التحالف، كما انه يعد جريمة حرب، وضد القانون الدولي.
تقارير الامم المتحدة التي تتحدث عن الحصار كعامل مباشر في تفاقم المأساة اليمنية ، لم تفلح بفتح هذا الحصار او التخفيف منه، ارقام مخيفة من نسب الفقر والجوع ونقص التغذية تشمل عموم سكان اليمن وتتركز في اكثر المناطق اشتعالا بالمعارك لاسيما الحديدة
عدد الاطفال الذين يموتون كل يوم يتضاعف منذ التقرير الاشهر “طفل يموت كل 10 دقائق” في حين ان شريان الحياة الوحيد في الحديدة والذي تدخل اله 80% من المواد الغذائية والداوئية ، والمساعدت يقع تحت تهديد الاغلاق بسبب قرب واشتعال المعارك منذ 3 سنوات.
وهنا يفهم تحذير المنظمات الدولية، وعلى رأسها الامم المتحدة من مغبة استمرار معركة الحديدة، وحجم المأساة التي ستخلفها في حال استمرار الحرب على ميناء الحديدة، وهو ما يجعل الدول الكبرى على راسها روسيا والاتحاد الاوروبي تدعم ذهاب ملف الحديدة للتفاوض السياسي.
مأساة القرن
الضمير العالمي مدان اليوم امام مأساة بهذا الحجم، امام سياسية التجويع والتهجير والقتل الصامت، مأساة اكدت الامم المتحدة انها اعظم واكبر من مأساة الحرب العالمية الثانية.
حيث حاصرت النازية المدن الروسية وقتلت مئات الالاف جوعا وقصف المدن الاوربية ، ما يحدث في اليمن الان لايقل فضاعة وهمجية.
الارض المحروقة
سياسة الارض المحروقة واحدة من السياسيات الممنهجة المتعبة في الحروب ، واستخدمت في الحرب العالمية الثانية، حيث حوصرت المدن الكبرى وتم قصفها من الجو، وهي سياسة استراتجية عسكرية، يتم فيها احراق كل مقومات الحياة، كاجراء عقابي جماعي.
وهي ضد القانون الانساني الذي يحظر مهاجمة او تدمير او تعطيل المواد التي لاغنى عنها لبقاء الناس على قيد الحياة. فقد تم خلال هذه الحرب قصف مصانع الاغذية وناقلات البضائع بين المدن الرئيسية ، وحتى مزارع الدواجن ومطاحن القمح، ومضخات المياه، ومولدات الطاقة الكهربائية ، والجسور والطرق بين المدن، وقوارب الصيد.
ونقول للاسف..أن صراخ اليمن لايسمع.. لان اليمني عزيز بطبعه.. لكن انين الفقراء يحدث فرقا، وهذا ما نلاحظه بشكل تراكمي بطيء، ويبقى اليمن صامدا، بصمود ابنائه وانصاره ومحبيه.
Print Friendly, PDF & Email
مشاركة Facebook
Twitter |
|
|
|
|
|
|
|