مضى على اندلاع ثورة الرابع عشر من أكتوبر في جنوبي البلاد 64 عاماً بالتمام والكمال، ومثلما انطلقت وهي تواجه التحديات، تواجه اليوم نفس التحديات وإن كانت بشكل مختلف..
فإذا كانت الثورة في بداية انطلاقها توجه رصاصاتها نحو المستعمر، نجدها اليوم تواجه تحدياً من نوع آخر، حيث يريد البعض تجريدها من أهدافها وثوابتها ومبادئها.
لم تكن ثورة الرابع عشر من أكتوبر ثورة جنوبيين فقط، فقد كانت تماماً مثل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، التي لم تكن ثورة شماليين فقط، فقد كان هناك تلاحم بين الثورتين، ودفع الآلاف من الجنوبيين حياتهم لانتصار ثورة سبتمبر، ولم يبخل الشماليون أيضاً بدمائهم لانتصار ثورة أكتوبر.
واختلط الدم اليمني على الأرض ، ولم يكن اليمنيون يفرقون بين دماء بعضهم البعض، فقد اختلط الدم اليمني هنا وهناك، حيث احتضنت عدن لعقود طويلة كل الفارين من جحيم الإمامة ومن نظام الحكم الجمهوري في الشمال، فيما كانت صنعاء ملتقى للمئات من الفارين من جحيم الصراعات في الجنوب بعد الاستقلال.
واليوم علينا أن نعترف أننا صرنا نأكل بعضنا بعضاً، سواء بالشتائم التي لا تبقي ولا تذر أو بالمطالبة بفصل الجنوب عن الشمال، وتناسينا تلك الدماء التي سالت خلال سنوات التشطير وما قبل تكوين دولتي الشمال والجنوب.
لا يمكن لعاقل أن يقبل بالدعوات التي تدعو إلى الانفصال بعد نصف قرن من الثورة في اليمن، شماله وجنوبه، لكن لا يجب تحت هذا الغطاء التغاضي عن الأخطاء الكبيرة التي ارتكبت ولا تزال ترتكب باسم الوحدة، والتي جعلت البعض يربط للأسف بين هذه الأخطاء والوحدة.
فالوحدة بريئة مما يحدث اليوم من سلوك البعض الذي يحاول التدثر برداء الوحدة، وهو في حقيقة الأمر ينسفها من الداخل.
علينا اليوم أن نبحث في وسائل أخرى تعيننا على إصلاح الأوضاع في البلد، فهذا هو الجهاد الحقيقي، لا أن نلجأ إلى أسهل الحلول، وهو العودة إلى مرحلة التشطير.
إذ لا يجب علينا أن نجعل الانفصال هو هدفنا النهائي، وندير ظهورنا للوحدة التي حفظت لليمنيين جميعاً، شمالاً وجنوباً، كرامتهم.
صحيح أن بعض المظاهر وبعض السلوكيات التي يمارسها الكثير من المتنفذين، تثير غضب الكثير إلا أن علينا جميعاً التصدي لهذه السلوكيات وكشفها والنضال من أجل التخلص منها، والبحث عن حل تحت ظلال الوحدة البريئة من أخطائنا، وما أكثرها.