خلال الأيام والأشهر القليلة الماضية التقيت مجموعة كبيرة من شبابنا , بعضهم تخرّج من الجامعة وما يزال يبحث عن فرصة عمل , والبعض الآخر ما يزال فى اطار استكمال الدراسة في الجامعة , وتحدثت مع هؤلاء الشباب عن ضرورة ان تكون لهم أهداف ورؤية مستقبلية لمسيرة حياتهم العملية ,وان لا ينتظروا فرص العمل سواء فى القطاع الحكومى او الخاص بل عليهم ان يخلقوا فرص عمل لأنفسهم من خلال التفكير بمشاريع صغيرة خاصة بهم , في ظل تعدّد الفرص المتاحة لذلك فى البيئة المحيطة , وأن يكون لهم دور فعّال فى بناء مستقبل اليمن والتنمية الشاملة فى المجتمع , باعتبارهم رواد وصانعي التغيير في هذا الوطن
لكننى – وللأسف الشديد – لمست من خلال ردودهم حول ما طرحته عليهم , ان هناك حالة من اليأس والاحباط بدأت تتسلل بقوة الى هؤلاء الشباب , وتؤثر عليهم سلبياً , نتيجة تردّي الأوضاع الحالية على الساحة اليمنية سياسياً واقتصادياً وأمنياً , واستمرار مظاهر وأشكال الفساد المالي والإداري في مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة , وإهمال مؤسسات الدولة لمتطلبات واحتياجات الشباب كقطاع مهم وحيوي في المجتمع , وغيرها من الأسباب التى جعلت اكثر شبابنا يفكر بل يتمنى الخروج من الوطن لتحقيق طموحاته وتحسين وضعه الحياتى والمعيشي.
ومن هذا المنطلق وحتى لا يصاب شبابنا بالإحباط التام , فإن على كل المعنيين بقطاع الشباب في بلادنا الحبيبة من قيادات ومنظمات سياسية واجتماعية وتعليمية أن يتقوا الله في شبابنا ومستقبلهم وطموحاتهم . ويهتموا باحتياجاتهم ومتطلباتهم وظروفهم . ويفتحوا قنوات جديدة للاستماع والحوار والمناقشة معهم والاهتمام بقضاياهم ومتطلباتهم.
لأنهم الكلمة الأقوى والرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله أو الاستهانة به من قبل الأنظمة والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع , وإنه من غير الطبيعي اليوم أن يكون هناك حديث عن التغيير والتطوير والإصلاح دون أن يستدعي ذلك ذكراً للشباب. فهم القوة الحقيقية للتغيير وصناعة المستقبل المشرق للوطن.وهم من يضعون عناوين حياتنا بما نريد ونطمح. ووحدهم من أعطى بلا انقطاع ومن وثب نحو العلياء وزاحم النجوم والكواكب ، ليصير منهم الشهيد والحارس الأمين على مكتسبات الوطن. ومنهم نستمد عافيتنا ، و تتجدد خلايا الإبداع في عقولنا وأفكارنا كما ان على شبابنا اليوم ان يدركوا جيداً ان دورهم الفعال في تحقيق النهضة والتقدم للوطن والأمة , مرهون بمدى امتلاكهم للإرادة القوية والصادقة والإصرار والعزيمة على النجاح والخروج من دائرة الاحباط او الاستغراق في عالم الخيال والأحلام المستحيلة , الى دائرة الطموح المبني على اهداف واضحة وواقعية لتحقيق مستقبل افضل للوطن والأمة , ويثبتوا للجميع انهم مشاعل للتغيير وأدوات فعالة للبناء والتغيير والنهوض بالوطن , وليس مجرد دُمى تحركها أحزاب وتنظيمات وقوى سياسية او شخصيات اجتماعية مستغلة حماسهم وحبهم لوطنهم لتحقيق أهدافها ومصالحها الشخصية او الحزبية على حساب مصلحة الوطن العليا ووحدته وأمنه واستقراره.
وختاماً أذكّر شبابنا الأعزاء بأن الانتماء الايجابي للوطن يحتم عليهم أن يعملوا مخلصين على الخروج من ظلمة الجهل والتبعية إلى نور العلم ، والشعور بالقدرة والكرامة والاستقلال ، وأن يأخذوا بكل السبل المتاحة للارتقاء بأنفسهم ووطنهم وأمتهم ، إلى الحد الذي يضمن لهم الكرامة والشعور بالحرية ويضمن لوطنهم وأمتهم الهيبة والاحترام بين أمم الأرض ، وأن يجعلوا الوطن ووحدته وأمنه واستقراره اكبر همهم ومصدر فخرهم وعزتهم والقاسم المشترك لتوحيد رؤيتهم وأهدافهم وجهودهم لتنميته وتطويره وحمايته والنهوض به في مختلف المجالات باعتبارهم حزب الوطن الكبير وقلبه النابض والمفعم بالحياة وحاضره ومستقبله المشرق بإذن الله.