أخيراً أصبح خيار دولة اتحادية بأقاليم ستة، وبولايات ستُحدّد في الفترة القادمة، أصبح خياراً لا رجعة فيه حتى لو أن هناك اعتراضات من بعض الأطراف سوف يتم إقناعها لاحقاً أو أنها ستجد نفسها تسبح عكس التيار، وستضع نفسها في دائرة المعرقلين للتسوية السياسية وتحت طائلة العقوبات الدولية.
بعد إعلان قرار لجنة الأقاليم؛ كانت هناك تعليقات كثيرة من الطريف إيرادها هنا ولا يؤثّر ذلك على أهمية وقيمة الحدث, أحد الأصدقاء توقف أمام ترتيب الأقاليم وأقسم أن اللجنة استشارت الإدارة العامة للمرور حين أقرّت أن الإقليم الثالث هو إقليم عدن، والإقليم الرابع إقليم الجند «تعز وإب» والإقليم السادس إقليم تهامة «الحديدة وأخواتها».
وشخّص آخر فقال: ما دام أن تعز وإب في الإقليم الرابع, الآن فهمت ليش وزارة الاتصالات وضعت من زمان مفتاح تعز وإب « 0/4 » وشخص رابع وصف إقليم الجند بأنه «الصين الشعبية» في إشارة إلى أن تعز وإب تشكّلان بالمجموع أكبر عدد سكاني على مستوى كل الأقاليم؛ وقد يناهز تعداد المحافظتين حالياً سبعة ملايين نسمة تقريباً.
بالنسبة لي تمنّيت لو بُعثت شخصيات تاريخية مثل الملكة بلقيس والملكة أروى ونُظِّمت لهم أو لهما مناظرة حول تجربة الأقاليم، بطبيعة الحال فإن الملكة بلقيس سوف تمثّل إقليم سبأ، أما الملكة أروى فسوف تمثّل إقليم الجند، وملوك يمنيون آخرون سيمثّلون باقي الأقاليم.
البداية ستكون عند الملكة بلقيس باعتبارها الأعرق, أتوقّع أنها ستقول: «يا أبناء إقليم سبأ لنضع أيدينا في أيدي بعض ونعيد إلى هذا الاسم تاريخه وعراقته, كنت أتمنّى أن أتحدّث عن تجربتي في الحكم وعن نموذج الشورى التي كنت سبّاقة في تجسيدها وعن قصة إسلامي مع سليمان, لكن من الناحية الواقعية فإن الأولوية بالنسبة لنا في إقليم سبأ هي كيف نقضي على ظاهرة التخريب للكهرباء وأنابيب النفط والغاز، وكيف نضع حدّاً لأعمال الاختطافات للسياح وللخبراء الأجانب، وأن نبحث عن وسائل مشروعة للحصول على حقوق مشروعة».
وربما تضيف: «أنا راجعة إلى الحياة الآخرة بعد المناظرة مباشرة, بس جئت أتأكد من التقارير والانتقادات والتعليقات الساخرة هناك: روحي شوفي أيش عملوا أهل بلادك, في المنطقة اللي شهدت عاصمة ملكك ومقر عرشك تواجه المرأة أقسى أنواع التجهيل والتهميش والحرمان من الحقوق المكفولة دينياً وإنسانياً، الناس يتحدّثون عنكم بسخرية ويقولون إن أبناء مسقط رأسك وعاصمة حكم الملكة العظيمة بلقيس يحرمون المرأة من العلم والثقافة ويمنعونها من المشاركة حتى في الحد الأدنى ويكتفون فقط بتعليمها الرماية واستخدام السلاح؛ فهل يريدونها أن تشارك الرجل في أعمال التقطُّعات والاختطافات وقطع التيار الكهربائي وتفجير أنابيب النفط والغاز..؟!».
..هي مناظرة مثيرة وذات شجون؛ ولكن السطور هنا لا تكفي لإيراد كل ما دار فيها, يكفينا ما تحدّثت به ملكة سبأ باعتبار ذلك أساساً لما يجب عليه العمل مستقبلاً داخل إقليم سبأ وكل الأقاليم؛ وصولاً إلى بناء يمن اتحادي قوي وناهض ومزدهر.