أنقذوا ما تبقى من تراث اليمن
كاتبة/نادية عبدالعزيز السقاف
كاتبة/نادية عبدالعزيز السقاف

أروى عبده عثمان إنسانة قلبها من ذهب. لديها مهمة في الحياة بالإضافة إلى الدفاع عن حقوق الإنسان والمبادئ النبيلة وهي التوثيق والمحافظة على التراث الشعبي. 
منذ 17 عاماً وهي تقوم بجمع أشياء ومواد تراثية، تسميها بلهجتها التلقائية الجميلة “قلافد” من شتى أنحاء البلاد. وفي عام 2004 افتتحت ما يطلق عليه الآن متحف التراث الشعبي – التراث والتنوع ليصبح المعلم التراثي الوحيد الحي الذي تسكنه ملامح متعددة توثق التاريخ الشعبي والعادات وحتى المقتنيات والتي أصبح الكثير منها على وشك الانقراض. 
مشكلة أروى أنها لا تحب الوساطة وليست متحذلقة سياسياً بالرغم من أنها رأست من أصعب فرق العمل في مؤتمر الحوار الوطني وهو فريق الحقوق والحريات الذي أصدر مخرجات لو تم تنفيذها ستقفز باليمن إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال حقوق الإنسان. 
هذا المتحف يشمل أكثر من 7000 دورية وكتاب ومرجع عن التراث وعلم الاجتماع والانثربولوجيا «علم الإنسان»، وأكثر من 150 زياً شعبياً والعديد من مقتنيات المطابخ اليمنية. 
كما يشمل مكتبة صور شعبية ضخمة ومكتبة صوتية تراثية تعد الوحيدة من نوعها في اليمن ومسرح الحزاوي «القصص الشعبية» للأطفال فيه تم تجميع الحكايات الشعبية، بالإضافة إلى الكثير من المقتنيات الفضية والجلدية والمصنوعة من العزف وغيرها. 
كل هذه المواد التراثية التي توثق التاريخ الشعبي الاجتماعي لليمن متراكمة فوق بعضها في غرف ضيقة في مبنى صغير يتم دفع إيجاره بشكل شخصي وبمساعدة حكومية ضئيلة منذ 4 سنوات. 
تتعرض المقتنيات التي جمعتها أروى عثمان على مدى 17 عاماً للاهتراء والضياع بسبب سوء التخزين وتكرار نقل محتويات المتحف من مكان إلى آخر بسبب ارتفاع الإيجارات أو البحث عن مكان أفضل لحفظها. 
السياحة الخارجية في اليمن متدهورة بسبب الوضع الأمني والسياحة الداخلية منعدمة بسبب الوضع الاقتصادي. إذاً لم يبقَ لدينا سوى أن نوثق معالمنا وتاريخنا الشعبي لنرجع إليها في المستقبل عندما نستطيع. ولكن إذا لم نحافظ عليها أخشى أن يأتي الوقت الذي نحاول فيه أن نستعيد تاريخنا وذكرياتنا الشعبية ويكون الأوان قد فات لأننا أهملناها، ولأننا لم نستطع ان ندعم مبادرات رائعة وجهوداً متميزة مثل: متحف التراث الشعبي الذي تحاول أروى عثمان جاهدة الحفاظ عليه. 
حان الوقت لكي تفي الجهات المسئولة بوعودها والتزاماتها للتراث اليمني. سواء كانت وزارة الثقافة أو أمانة العاصمة أو حتى رئاسة الجمهورية. يجب أن يحصل متحف التراث على مقر حكومي واسع تستطيع أروى من خلاله أن تُبرز وتحافظ على تاريخ اليمن الشعبي وتقوم بالعديد من الفعاليات التي كانت بدأت القيام بها في الماضي، وذلك لأن هذا المتحف ليس فقط توثيقاً جامداً للماضي، بل فيه تجدد مستمر للتراث من خلال المهرجانات المختلفة مثل فلكلوريات عدن، مدرهات الحج، المشاقر والتسامح والتعايش. وكل مهرجان كان يشمل توثيقاً فوتوغرافياً للتراث وكتاباً مرجعياً ودراسات وندوات فكرية ويختتم باحتفالية موسيقية بطقوس شعبية. ماذا نريد أجمل من هذا؟. 
بالإضافة إلى الندوات الفكرية المختلفة مثل ندوة صورة الحاكم في الثقافة الشعبية وغيرها. كما أن هناك مشاريع غير مكتملة مثل مشروع الألف حكاية شعبية والتي صدر منها 3 كتب فقط يحتوي كل منها بين 50 إلى 70 حكاية، ومجلة الذاكرة التي تعد المجلة الوحيدة في اليمن المتخصصة في التراث وهذه صدر منها عددان فقط. 
والآن حتى عندما يتم استخدام الصور أو المعلومات التي صدرت من فعاليات متحف التراث لا يتم حتى الإشارة إلى المصدر كأنه لم يكن. 
من غير المنصف أن يعمل إنسان جاهداً من أجل هدف سامٍ ولا يجد من يدعمه، خاصة وأن هناك جهات مسئولة كان الأحرى بها أن تقوم بهذا العمل. ولكن هذه الإنسانة الرائعة التي تحمل شغفاً كبيراً بالتراث الشعبي في قلبها قررت منذ زمن بعيد أن لا تقف مكتوفة الأيدي وأن تعمل ما تستطيع عمله. 
ولكن إلى هنا وكفى. يجب أن يحصل متحف التراث الشعبي على مقر يليق به وبالمجهود الجبار من ورائه حتى يُفتتح من جديد ونستمتع بتاريخنا الشعبي ونُريه لأطفالنا قبل أن ننسى. 


في الخميس 06 مارس - آذار 2014 08:25:59 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1017