زينة الرجال!!!
صادق ناشر
صادق ناشر
عندما كان الكثير يحذرون من خطورة امتلاك المواطنين للسلاح، كان مسؤولون وشخصيات قبلية ‏ودينية يردون على تلك التحذيرات بالاستخفاف؛ إذ أنهم يعتبرون السلاح "زينة الرجال"، وأنه ‏يصعب تصور أن يكون هناك بيت في اليمن يخلو من هذه الزينة، بل وهاجم البعض من هؤلاء من ‏كان يدعو إلى اتخاذ الإجراءات الصارمة لتخليص الناس من السلاح، لتثبيت الأمن والاستقرار في ‏بلد تكثر فيه عادات الثأر والخصومات السياسية. وها نحن اليوم، نجني ثمار هذه العقلية التي ‏أدارت حياتنا لسنوات طويلة.‏

ليس وقت المحاسبة اليوم، لكن هذه السياسات هي من جلبت أعين العالم علينا، وهي نفسها التي ‏جعلت الآخرين يعتبرون البلد مكاناً وملاذاً آمناً للخارجين على القانون، وأن مناطقنا يمكن أن ‏يسرح ويمرح فيها من يشاء ومتى يشاء وكيفما يشاء. فالدولة مسلحة ورجالها مسلحون، ومحاطين ‏بحراسات لا حصر لها ولا عد، والقبائل مسلحة ولديها من الأسلحة ما يجعلها تزود أي جيش في ‏أي بلد في العالم، بدءاً بالسلاح الصغير وانتهاء بالسلاح الثقيل. وهناك مشايخ نافذون في مناطق ‏مختلفة من البلاد، يهجرون سكان قرى بأكملها دون خوف من الله ولا من الدولة، وعلى مرأى ‏ومسمع من مسؤولي البلاد، بل إن كل من يفكر باقتناء السلاح ليس عليه سوى الذهاب إلى أقرب ‏سوق لشراء السلاح وتكديسه في منزله لحماية نفسه وأسرته.‏

وتجربة الدولة مع "الحوثيين"، الذين يقودون تمرداً على الدولة منذ سنوات، نموذج للعقلية التي ‏أدارت بها السلطة قضية السلاح في البلاد. فهاهو الشعب اليوم، يدفع ثمناً لهذه السياسة في حرب ‏عبثية تدور في صعدة منذ ست سنوات، ولدينا تجربة أخرى مع تنظيم "القاعدة" منذ نهاية تسعينات ‏القرن الماضي. وهناك من صار يقتل بموجب الهوية الشخصية في مناطق أخرى من البلاد، من ‏دون قدرة على ضبطه وردعه، ناهيك عن محاسبته. وغداً، يعلم الله أي قوة ستخرج على الدولة ‏وتعلن عصيانها عليها!‏

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل صرنا بحاجة إلى مثل هذه الضربات التي تقع على رؤوسنا ‏اليوم في أماكن كثيرة، لنعرف أن امتلاك السلاح خطر على المجتمع؟ هل نحتاج إلى استنزاف هذه ‏الأموال الطائلة والأرواح التي تسقط في صعدة من الجنود والحوثيين وفي مناطق أخرى من البلاد ‏حيث القتل بالهوية، وحيث الثأر يحصد المئات من الأبرياء كل يوم في مناطق الريف والحضر ‏على السواء، لكي نعرف بأننا كنا مخطئين في إدارتنا لقضية السلاح؟ ‏

نحن نحتاج إلى إعادة نظر في سياستنا بعد هذا النزف الحاد لأرواحنا في كل مكان، ليقنع نواب ‏الحزب الحاكم في البرلمان ناخبيهم ويخرجوا قانون السلاح من أدراج البرلمان ويتم إقراره على ‏وجه السرعة، عوضاً عن إبقائه حبيس الجدران منذ عدة سنوات.‏

التأخير في هذه المعالجات سيجلب لنا الخارج إلى بيوتنا، ونحن نعلم بأن أعين العالم صارت ‏تتركز علينا هذه الأيام، بخاصة بعد التطورات الأخيرة، فهل تستغل الدولة هذه الأجواء لتبدأ ‏بتطبيق إجراءات حازمة لمنع حمل السلاح في المدن والريف على السواء، والتخلي عن مفهوم أن ‏السلاح "زينة الرجال"، لأنه مفهوم أثبت أنه يمنح القتلة تصريحات مجانية بالقتل؟


في الثلاثاء 12 يناير-كانون الثاني 2010 07:40:07 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=102