|
المقدمات التي مررنا عليها مروراً عابراً حول التزويج القسري للقاصرات تؤشر إلى المعنى السلبي لزواج البنات اللائي لم يبلغن سن الرشد، وكيف أن هذا الموضوع فتح معركة فكرية حقيقية في البرلمان اليمني، حتى أن البرلمان لم يتمكن من تمرير قانون تجريم وتحريم زواج القاصرات حتى الآن، ومن المدهش أن بعض البرلمانيين المحسوبين على الاستيهامات الدينية السياسية يرفضون بثبات تمرير هذا القانون، ويتخندقون في مربع الرفض العدمي لمشروع القانون الجديد، برغم كل الأضرار النفسية والمعنوية والاجتماعية الناجمة عن زواج طفلة صغيرة من رجل بالغ راشد. بل من كهل تجاوز الستين من عمره، وربما بلغ السبعين والثمانين .
جذر المشكلة القانونية القائمة في اليمن بدأت مع ذلك التمرير المريب لقانون الأحوال الشخصية الذي تمَّ تسطيره بعد الوحدة اليمنية بسنوات، وكانت مناسبة التمرير المريب شهر رمضان المبارك، حيث يتم فيه تعليق جلسات البرلمان اليمني، ويكون فيه رئيس الدولة مخولاً بإصدار تشريعات محددة يصادق عليه البرلمان لاحقاً بعد أن يكون “الفرمان السلطاني” قد عمَّد القانون. في تلك المناسبة، وبالترافق مع اللعبة السياسية التكتيكية بين فرقاء الحزبية القاصرة، تمَّ تمرير قانون الأحوال الشخصية سيء الصيت، وقد اطلعت شخصياً على ذلك القانون الذي تمَّت كتابته بلغة أصولية جامدة، وبقدر واضح من الانزياح الميكانيكي نحو ثقافة الماضي البعيد، ودونما أدنى مراعاة لمستجدات الحياة الاجتماعية، وبتجاوز إجرائي لكامل المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة والطفل، والتي وقَّعنا عليها بكامل الرضى والقبول عليها، بل وبالشطب الكامل على قانون الأسرة الموروث من اليمن الجنوبي سابقاً، والذي كان يعتبر من أكثر القوانين العربية إنصافاً للزوجة والأُسرة والمجتمع .
هكذا تبدو الصورة اليوم، وبدون معالجة المشكلة القانونية من حيث الأساس ستظل هذه الظاهرة غير الإنسانية سائدة في جُل المناطق الريفية اليمنية.
Omaraziz105@gmail.com
في الأربعاء 12 مارس - آذار 2014 09:52:17 ص