|
ناهبو أراضي الأوقاف والمتحايلون عليها بطريقة أو بأخرى لا يقل تشبيههم أو وصفهم باللصوص وبقطّاع الطرق وبالمفسدين في الأرض باعتبار ما يقومون به من أفعال خيانة لأماناتهم وخيانة لإنسانيتهم إن وجدت وفقداناً لضمائرهم، كيف لا وهم يسعون ويلهثون وبشتى الطرق للاستيلاء على حق أُوقف في سبيل الله وريعه يوظّف في سبيل إقامة المساجد والأعمال الخيرية أولاً وأخيراً.
إن حالات الهوس التي ينهجها لصوص أراضي الأوقاف والتي اشتدت ضراوتها في الفترة الأخيرة وهذه الأيام بالذات تعتبر من السلوكيات اللا أخلاقية والبالغة الضرر بالأموال الموقوفة من أراضي وعقارات لا سيما إذا ما وصلت تلك التصرفات والسلوكيات المشينة بالتحايل حد تحويلها إلى أموال خاصة وما يساعد بعضهم على ذلك هو استغلال التداخلات بين جهازي الأوقاف وأراضي وعقارات الدولة، أضف إلى ذلك بعض الضعفاء من موظفين في تلكما الجهازين أو حتى بعض الجهات الضبطية القضائية.
البعض يلقي اللوم بجزء هام من مسببات حدوث تلك التصرفات المشينة بحقوق الأوقاف إلى حالات الانفلات الأمني التي سادت ولا زالت تسود البلاد والتي نتمنى من الله العلي القدير أن يتعافى البلاد والعباد منها حيث كشرت عصابات النهب ولصوص الأراضي عن أنيابها وتموضعها بأسلحتها المحظورة في مواقع وساحات ومساحات شاسعة من أراضي الأوقاف وعلى مستوى الجمهورية وإلى عجز الجهات الضبطية والأمنية منها بالذات في وقف تلك السلوكيات والتصرفات ووضع حد لها وما يُخشى منه هو أن تأتي المعالجات لنتائج تلك الأعمال متأخرة ولوكانت الحلول أشدها وأكثرها خسارة «أي علاج الكي بالنأر» كما يقال عند استنفاد وصفات الدواء.
ومع قناعاتنا بأن جهود وزارة الأوقاف والإرشاد في تنفيذ مشروعها لحصر وتوثيق أراضي وعقارات الأوقاف على مستوى الجمهورية قد أفرز تشخيص ناهبي الأراضي ومغتصبيها ومستوياتهم والتي تجاوزت الأعداد الكبيرة للآلاف من القطع والتباين في نسبها على مستوى كل محافظة فإن استرداد تلك الأراضي لا شك يحتاج إلى تعاون وجهود كبيرة من كافة الجهات ذات العلاقة بدءاً بوزارة الأوقاف ومكاتبها ومنتسبيها مروراً بالأجهزة ذات العلاقة وفي مقدمتها الضبطية منها سواء سلطات محلية أو أمنية أو نيابية ووصولاً إلى السلطة القضائية كما أن حسم التداخلات فيما بين هيئة أراضي وعقارات الدولة ووزارة الأوقاف من أولويات المعالجات التي يجب على الدولة أن تحسمها باعتبارها مثّلت بوابة ومنفذ لصوص وتجار وسماسرة ومحتالي الأراضي للوصول إلى مبتغاهم.
إن ما صار مغتصباً من أراضي وعقارات الأوقاف يفرض أن يكون مبرراً لدق ناقوس الخطر أمام من يعنيهم حماية أموال الأوقاف والدفاع عنها واسترداد ما اغتصب سواء بالتحايل أو بتهديد السلاح والقوة أو عبر تضليل بعض أجهزة القضاء كما أن محاسبة أي مقصر لواجباته ومسئولياته من المعنيين وكذا كل من تثبت شراكته أو سماحه لتمرير أية عملية تحايل يجب أن تكون إحدى الضوابط في كافة المرافق المعنية بالحفاظ على ممتلكات الأوقاف ووقف ناهبي الأراضي الوقفية.
قضية نهب أراضي وعقارات وأي ممتلكات وقفية يجب أن تكون في صدارة القضايا المماثلة وذات الأولوية في المعالجات لوقف عملية التمادي المتصاعدة ووضع حد لمن وجدوا في ذلك السلوك المشين ضالتهم للثراء والتجارة بوقف الله تعالى.
ونتمنى أن يكون للمعنيين بالسلطة القضائية القول والفعل الحق في إنصاف مال الله من ذوي النفوس الضعيفة لصوص أراضي الأوقاف ولابد هنا من أن يبرز دور نيابات الأموال العامة ومحاكمها في هذا السياق وغيرها من الجهات ذات العلاقة.. حتى ننتصر جميعاً لأوقاف الله.. إذ أن كل وقف في سبيل الله أوقف من شخص أو أشخاص أو من أية جهة سيُحاسب كل من له علاقة بضياعه أو خروجه عن مبتغاه أمام الله.. كما أن التوعية بأخطار التهاون أو السكوت عما لحق ويلحق بأموال الأوقاف من مسئولية أصحاب الرأي والنقاد والدعاة والوعّاظ ودعوة مفتوحة للجميع للإسهام في التوعية بهذا المضمار حفاظاً لمّا تبقى.
في الجمعة 14 مارس - آذار 2014 10:15:09 ص