|
كان مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر قرابة عشرة أشهر التأمت فيها كل مكونات الشعب اليمني دون استثناء وصُبت داخل هذا المؤتمر كل الهموم والرؤى والمطالب وما يطمح إليه المواطن اليمني من خلق بيئة صالحة للعيش الكريم بعيدة عن الزيف والمغالطة والمبالغة وتزييف الحقائق وهو واقع عاشه اليمنيون لعشرات السنين كان همّه ومطلبه الوحيد هو إيجاد دولة مدنية وديمقراطية حقيقية حتى يتساوى فيها الناس في الحقوق والواجبات ويكون المجتمع اليمني مجتمعاً منتجاً لما يأكله ويلبسه لا كما هو الحال مجتمع إتكالي يعتمد على ما يأتيه من غذاء و كساء من الآخرين وهذه حقيقة ولا يجب نكرانها عاش شعبنا اليمني عشرات السنين يعيش على الوعود التي لم تتحقق إلا في مخيلة من كانوا يطلقونها وهي وعود تخديرية حتى يظل الشعب مخدوعاً ومخدراً فيما يسمعه من كيل للوعود هي في الحقيقة ضحك على البسطاء من هذا الشعب فكان المؤتمر الوطني للحوار هو انعطافة تاريخية في حياة الشعب اليمني بعد أن عانى الكثير وكانت مخرجات الحوار هي تلبية لمطالب الشعب وما يطمح أن يصل إليه في إيجاد دولة مدنية حديثة تلبي متطلبات الواقع والعصر الذي نعيشه اليوم، فكان من مخرجات الحوار بناء دولة عصرية تكون قادرة على تلبية متطلبات العصر للمواطن اليمني الذي يحلم بتحقيقها منذ عقود من الزمن فكان الحوار هو الفرصة الذهبية السانحة لكي يشرع لقيام الدولة الحديثة ومن أهم مكونات هذه الدولة هو نظام الأقاليم التي ظهرت ملامحه للنور من خلال قرار لجنة تحديد الأقاليم وهو ترجمة حية لمخرجات الحوار واعتقادي أن نظام الأقاليم هو النظام الأنسب وهو خطوة ديمقراطية متقدمة ليشارك الشعب في حكم نفسه بنفسه من خلال نظام الأقاليم، وستكون هناك المنافسة الشريفة للنهوض بالواقع المحلي لكل إقليم بالإضافة إلى أن الرقابة الشعبية ستكون فاعلة لأن مركز القرار في الإقليم سيكون قريباً منها وتستطيع أن تنتقد وتحاسب مسئولي الإقليم إن أخطأوا أو تكاسلوا في أداء مهامهم الموكلة إليهم بالإضافة لكل ذلك فإن مسئولي الإقليم سيكونون من أبنائه وسيكون ذلك عبر الانتخابات المباشرة وهذا ما سيعزز قدرة كل إقليم على بناء ذاته اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ولا أبالغ هنا إذا قلت: إن البعض سواءً كانوا أحزاباً أو أفراداً ممن يرون في نظام الأقاليم ضياعاً لمصالحهم الخاصة ولهيمنتهم وطغيانهم وتحكمهم في رقاب الآخرين من خلال المركزية الشديدة نراهم ونسمعهم يشككون في نظام الأقاليم ومن أنه تقسيم للبلد إلى آخر هذه المعزوفات والاسطوانات التي قد ألفها وملّها شعبنا مثل تلك الأحزاب والأفراد لابد وأن يضعوا العراقيل والمعوقات ونراهم اليوم يتباكون على الوحدة التي أصبحت مهددة من خلال نظام الأقاليم نقول لهؤلاء: إن الوحدة كانت مهددة بالأفعال الشيطانية التي كانوا يمارسونها والتي هي أفعال تتعارض مع قيم الوحدة ومُثلها وقيمها النبيلة، الوحدة ليست هيمنة وطغيان وفرض الأمر الواقع والتحكم بالبلد من البحر إلى البحر دون أن تكون هناك أبسط السلوكيات المعبّرة عن الوحدة التي ننشدها.
في الجمعة 14 مارس - آذار 2014 10:16:00 ص