|
ـ مثّل مؤتمر الحوار الوطني الشامل محطة تاريخية مهمّة في حياة الشعب اليمني، حيث جرت فيه مناقشات جادة ومسؤولة لكل القضايا التي تهم الوطن والمواطن، استمر أكثر من عشرة أشهر للفترة من 18 مارس 2013م وحتى 25 يناير 2014م، وتمخّضت عنه تلك المخرجات التي توافق عليها كافة المكوّنات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة، ومثّلت في مجملها خارطة طريق لبناء اليمن الجديد وتحقيق آمال وطموحات اليمنيين في إقامة الدولة المدنية الحديثة التي تتحقّق في ظلها سيادة القانون على الجميع دون استثناء، وتتحقّق في ظلها العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية.
ولذلك فإنه يتوجّب على جميع أبناء الشعب اليمني وفي مقدمتهم قيادات الدولة والحكومة والأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني العمل بكل جد واجتهاد وتفانٍ وإخلاص لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وترجمتها قولاً وفعلاً على أرض الواقع.
ـ لقد تفاءل كل أبناء اليمن خيراً بعقد مؤتمر الحوار الوطني وجلوس جميع الأطراف المتخاصمة والمتصارعة على السلطة جوار بعض في قاعة واحدة وعلى طاولة حوار واحدة، والاتفاق على جميع مضامين مخرجات الحوار، وكنّا نعتقد أنه بمجرد نجاح مؤتمر الحوار الوطني سوف يتغيّر الخطاب السياسي والإعلامي للأحزاب والتنظيمات السياسية والقوى الاجتماعية، وسنشهد خطاباً وطنياً متميّزاً ورصيناً يبني ولا يهدم، يوحّد ولا يفرّق، يدعو إلى الألفة والمحبة والتسامح والإخاء، خطاباً مسؤولاً يدعو إلى التوجُّه نحو البناء والتنمية الشاملة وتجاوز سلبيات الماضي والسمو فوق الجراحات والآلام.
ولكننا للأسف لم نلمس أي تغيير في الخطاب السياسي والإعلامي سواء الحزبي أم الأهلي فلايزال بنفس الحدة التي كان عليها في العام 2011م وقبل انعقاد مؤتمر الحوار، خطاب غير مسؤول يستجر الماضي ويثير الأحقاد والضغائن ويحرّض على الفوضى والفتنة السياسية والمذهبية والطائفية والمناطقية ويعمّق في النفوس الأحقاد والضغائن وروح الانتقام والكراهية ويوسّع دائرة الخلافات والصراعات.
ـ ما من شك أن استمرار هذا الخطاب غير المسؤول لا يخدم بأي حال من الأحوال العملية السياسية والتوافق الوطني؛ ولذلك فإن المصلحة الوطنية العليا تستوجب تشكيل لجنة من الأحزاب والتنظيمات السياسية لصياغة ميثاق شرف سياسي وإعلامي يؤكد التزام الجميع بترشيد الخطاب السياسي والإعلامي، والتوقف التام عن المهاترات والمناكفات السياسية والإعلامية، وعدم الإساءة بأي شكل من الأشكال إلى قيادات الدولة والأحزاب والتنظيمات السياسية والأشخاص، وكذا الالتزام التام بعدم إثارة الفوضى والفتن السياسية والطائفية والمناطقية والمذهبية والتحريض على العنف والانتقام وإثارة الأحقاد والضغائن وكل ما يضر المصلحة الوطنية سواءً كان ذلك في الخطابات التي يتم إلقاؤها في الاحتفالات والمهرجانات أم المقابلات والتصريحات الصحفية والتلفزيونية والإذاعية أو في الأخبار والكتابات المقالية، وبحيث يتم التوقيع عليه من قبل رؤساء أو أمناء عموم الأحزاب والتنظيمات السياسية ورؤساء القنوات الفضائية والإذاعات والصحف والمواقع الإلكترونية الرسمية والحزبية والخاصة، ويكون ملزماً للجميع، ولا يجب الخروج عنه بأي حال من الأحوال على الأقل لمدة عامين حتى يتم تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وإنجاز الدستور الجديد وترتيب أوضاع الأقاليم وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أجواء هادئة وملائمة.
في الإثنين 17 مارس - آذار 2014 09:03:59 ص