|
تنخرط روسيا في لعبة كسر العظم بأوكرانيا، مُعتدَّةً بكامل المُقدمات الاستراتيجية التي بيدها، وفي المقدمة منها الغاز الروسي الذي يمثل شريان الحياة الأوكرانية في أيام الشتاء الأوروبي القارس، كما أن الاتفاقية الروسية الأوكرانية الخاصة بالاسطول البحري الروسي تمثل استحقاقاً استراتيجياً يوازي الحضور الروسي المضمون في البحار الجنوبية للعالم.
يضاف إلى كل ذلك الأدوات المحلية في شبه جزيرة القرم، والتي تتحرك بإرادة متناغمة مع موسكو، مع الاحتفاظ بمسافة قانونية واضحة المعالم .. ذلك أن ما تقوم به اليوم قيادات جمهورية القرم ينطلق من أسس قانونية واضحة، بوصفها جمهورية حكم ذاتي تتبع أوكرانيا، ولها الحق في إجراء استفتاء شعبي يُشرعن لخيار الانفصال الطوعي، ولهذا السبب تصادمت الشرعيات المُعلنة، والتي عكست وتعكس تناقض شرعية الثورة مع شرعية الدولة.
أمام هذا المستجد المُداهم أظهر الغرب السياسي خطاباً موحداً ضد روسيا، من لندن إلى باريس، مروراً ببرلين، وبالمقابل التزم حلفاء روسيا غير المُعلنين صمتاً حذراً لم تنكشف أبعاده بعد. وكعادتها باشرت الدبلوماسية الأمريكية لعبتها البراغماتية الميكيافيللية المفضلة، مُلوحة بسلاح “المقاطعة المقدسة” ضد السوفييت الجدد.
ذلكم التهديد الذي يعرف المراقبون العليمون أنه لن يضر روسيا فحسب ، بل سيضر الغرب ربما أكثر من روسيا ذاتها، خاصة إذا عرفنا أن25 في المائة من مجمل الغاز الأوروبي قادم من روسيا، وأن المانيا لوحدها تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 30 في المائة من حاجتها الملحة من هذا السائل الخطير.. أما أوكرانيا القومية فإنها مهددة مرتين .. مرة بتوقُّف إيرادات مرور الغاز الروسي عبر أراضيها، وأخرى بتوقف ضخ الغاز إليها، طالما وأنها مَدينة لروسيا بملياري دولار فقط، وأن روسيا بوسعها إغلاق أنبوب الغاز بين عشية وضحاها، لتتمرغ «أوكرانيا المتمردة» في أمواج الثلوج الشتائية القادمة.
Omaraziz105@gmail.com
في الجمعة 21 مارس - آذار 2014 08:45:27 ص