|
اختتمت القمة العربية الخامسة والعشرون والتي استضافتها دولة الكويت الشقيقة خلال اليومين الماضيين تحت شعار "قمة التضامن لمستقبل أفضل" وكان التغلب على الخلافات العربية وتحقيق المصالحة بين الأقطار العربية من اكبر تحديات هذه القمة بل وأهم ما كان يتطلع إليه المواطن العربي، ولذلك وفي كلمته في افتتاح أعمال القمة أكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح على أنه لا يمكن الانطلاق إلى مستوى الطموح بالنسبة لصنع التضامن وتوحيد المواقف العربية دون إنهاء الخلافات بين دولها، مشدداً على أن العمل العربي المشترك لا يستقيم إلا في ظل التنمية العربية الشاملة وكان ذلك تحديدا دقيقا من قبل رئيس مؤتمر القمة لأهم أهداف هذه القمة دون إهمال للقضايا الأساسية على طاولة هذا الاجتماع والسؤال المهم هو ما الذي تحقق من كل ذلك ؟ وما هي القرارات المهمة التي خرجت بها القمة كما أفصح عنها إعلان الكويت ؟والذي يتعين علينا قراءته بإمعان!
لقد كانت الآمال والطموحات كبيرة لأبعد الحدود بالنسبة لمواجهة المشكلات الجديدة والأزمات المتفاقمة بين الأقطار العربية وتدهور العلاقات العربية غير أنه ومن وقت مبكر استبعد وزير الخارجية البحريني خالد بن احمد آل خليفة، أن تتم المصالحة بين بلاده والمملكة العربية السعودية ودولة قطر خلال القمة الحالية وقد بدا ذلك واضحا في النتائج التي تمخضت عنه القمة للأسف الشديد وهي الحقيقة التي تكشف عن ضعف متفاقم في مؤسسة الجامعة العربية والمجلس الأعلى القيادي للجامعة العربية منذ تأسيسها وعدم قدرتها على حل الخلافات والأزمات التي تعيشها الأمة العربية برغم امتلاك الأمة العربية لدوافع أساسية وأسباب كثيرة أولها المخاطر التي تهدد وجودها الآمن والمستقر برمته فضلا عن روح التفاؤل والأمل بإمكانية التقدم نحو حاضر ومستقبل عربي جديد في إقامة علاقات عربية قوية بين كافة الأقطار العربية تتجاوز كل الخلافات أيا كانت ليس بنسيانها أو الإلقاء بها وراء ظهورها وإنما بمعالجتها والخروج منها بمعالجات ناجعة وحلول مرضية من قبل الجميع
ذلك أن إصلاح العلاقات العربية وإنهاء كافة الخلافات هو الخطوة الأولى التي يجب الاعتناء بها في كل لقاءات القيادات العربية وبخاصة في اجتماعات القمة العربية وان يتم تصحيح مسارها وجعلها جسرا قويا تسير عليه المصلحة القومية العليا في خدمة الجميع وتعزز من مكانة الأمة العربية أمام العالم وتساعد على بناء علاقات متكافئة بينها مع الغير من حولها في النطاق الإقليمي أو في النطاق الدولي..
وما زلنا نعتقد بأن وقفة واحدة من المصارحة الصادقة بين الإخوة القادة الأشقاء سوف تعالج الأمور وستكتشف بأن كل الخلافات البينية في الوطن العربي لا معنى لها ولا قيمة لها لأن الأصل هو انعدامها و لأن التحديات توجب عليها تجاوزها وبأن كثيرا من الاحباطات أو الانتكاسات أو حتى الهزائم التي لحقت بالأمة العربية كان سببها الأول هو اختلاف الأقطار العربية فيما بينها ولولا تلك الاختلافات لما استطاعت اسرائيل ولا غير اسرائيل أن تسلب امتنا حقوقها وان تعتدي على أرضها وتفرض سياستها وشروط أمنها بل وان تضيع على الأمة العربية ذلكم الوقت الثمين من عمرها في صراع الهباء وان تعطل كافة مشاريع النهوض العربي..
إننا عندما نتحدث عن أهمية المصالحة العربية وحتميتها في كل الظروف لا نبحث عن تحسين العلاقات فحسب وإنما ندعو إلى اجتثاث كل الخلافات وأسبابها من جذورها وتحصين العلاقة السليمة الصادقة المتكافئة بين كافة الأقطار العربية وأن نحصنها ضد الانتكاسات لتبقى متماسكة ووطيدة على الدوام مهما تغيرت الظروف أو تبدلت الأحوال.
إن هذا هو ما كان ينتظره المواطن العربي في كافة الأقطار العربية وتتطلع إليه امتنا العربية من قياداتها التي اجتمعت في رحاب أرض دولة الكويت الحبيبة وبرعاية قيادتها السياسية المرموقة وحصافة دبلوماسيتها القومية الناجحة ومع ذلك يبدو أننا سوف نردد تلك الجملة المعتادة في مثل هذه الأحوال (( ليس في الإمكان أبدع مما كان )) ولابد من إزجاء الشكر المستحق لدولة الكويت أميرا وحكومة وشعبا على كل ما تحقق وإن اجتماع القمة العربية العربية بحد ذاته يعتبر غاية مهمة في هذه الظروف العصيبة أيا كانت النتائج المنجزة والتي لا يمكن الاستهانة بها والمهم في نظرنا هو الاستمرار في مواصلة الجهود.
الصادقة تجاه ما تعانيه بعض الأقطار الشقيقة من مخاطر جسيمة تهدد أنظمتها ووجودها ووحدة أراضيها جراء الفتن والحروب الطائفية والمذهبية وتقديم المساعدات السخية لها للخروج من محنتها والتي تبدو اليوم اشد قسوة وضراوة في أكثر من مكان.
ذلك أن أوجب الواجبات اليوم بإملاء حقائق التاريخ البشري تقول لنا بأن الحرص على المصلحة الحقيقية لكل بلد عربي أيا كان نظامه يعني الحرص على المصلحة القومية بل ويؤدي إليها ولا يتعارض معها.. فمن أولويات عملنا القومي الذي نريد أن نضع له خارطة واضحة للعمل الجاد والصادق يبدأ من الوقوف بكل قوة وسخاء مع البلدان العربية المحتاجة للعون والمساندة والنصرة المنزهة.
ولا شك أن هذا يستدعي منا إعادة الحوار مجددا لتقييم وضع بيتنا العربي.. هذا التقييم الذي تمت ممارسته خلال فترات سابقة وأوصلنا إلى جملة من النتائج تم الاختلاف حول بعضها وتم الاتفاق بالإجماع على أنه لابد من تغيير وضع هذه الأمة ونظامها الجامع إلى الأرقى والأفضل والاستفادة في ذلك من دروس الحاضر الإنساني الإيجابية والبناءة في عدد من الأنظمة القائمة اليوم من حولنا في القارتين الأفريقية والأوروبية.
ونستطيع القول أنه لا مناص اليوم أمام الأمة العربية من الأخذ بفكرة اتحاد الدول العربية الذي يحافظ على كل خصائص وسمات النظام العربي ويستفيد من كافة الإمكانيات والقدرات المتاحة في الأرض والإنسان وفي العقيدة والفكر والثقافة كما في التاريخ المشرق الوضاء والحفاظ على الوجود وصيانة المصير والله من وراء القصد.
في الخميس 27 مارس - آذار 2014 09:44:14 ص