الزواج المبتسر جريمة ضد الإنسانية
كاتبة/نادية عبدالعزيز السقاف
كاتبة/نادية عبدالعزيز السقاف
لا أصدق أننا في اليمن لازلنا بحاجة إلى إقناع أي شخص بأن يقف ضد زواج الصغيرات. فبالرغم من أن هذه المشكلة قد تحولت منذ 2008 إلى قضية رأي عام إلا أننا نتفرق حولها أكثر من أن نجتمع. 
ولو حاولنا أن نُقرِّب وجهات النظر لوجدنا أن الكثير متفق في الأساس ولكن يأتي الاختلاف في التفاصيل. أذكر عندما بدأنا الحملة الوطنية في هذا الشأن مع كثير من الصحف ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات المؤيدة لحقوق الإنسان، كان الكثير من المناهضين لنا يقولون ان مصطلح الزواج المبكر غير دقيق. 
كان تفسيرهم بأن كلمة مبكر هي نسبية بمعني أن بعض العائلات تعتقد أن أنسب سن لزواج بناتها بعد تخرجهن من الجامعة وأي زواج قبل هذا يعتبر مبكراً في حين أنه لا تمانع عائلات أخرى من تزويج بناتها وهن في الثانوية. 
وفي تلك الأثناء تعرفت على مصطلح «مبتسر»، ومعناه غير كامل أو غير ناضج، فيقال بسر الدين أي تقاضاه قبل الأجل. واتفق الجميع بما فيهم من اعترض في مجلس النواب وخارجه على سن قانون ضد الزواج المبكر بأن الإسلام وكذلك العُرف والإنسانية لا يرتضوا تزويج البنات في سن لا يكن مهيئات فيه للزواج. 
ولكن عندما بدأنا بالحديث عن معايير الجهوزية أو متى يقال إن الفتاة صالحة للزواج اختلفنا لأن الكثير ممن كانوا يعارضوننا كانوا يتحدثون بأن المرأة يجب أن تكون صالحة للوطء. في نظرهم هذا جُلَّ ما يفرق بين الفتاة التي يمكن أن تتزوج ومن لا يصح أن يتم تزويجها!! 
ومع ذلك لا أزال أذكر كيف كنا نتجادل في صياغة هذا الأمر في القانون، لأن الناشطين والناشطات في مجال حقوق الطفل والإنسان بشكل عام كانوا يطلبون منا تفصيل هذا المعيار. ماذا يعني صالحة للوطء؟ من الذي يحدد ذلك؟ أو بمعنى آخر على ذوق ومزاج من؟ لأن هناك من الرجال المرضى من لا يمانع بل ويُفضِّل “الزواج” بطفلة. وقد رأينا هذا في أكثر من قصة ابتداء من نجود ذات الـ9 أعوام وحتى اليوم. 
وبعد أكثر من 6 سنوات حققنا نجاحاً أوّلياً في هذا المجال من خلال تحديد أدنى سن للزواج سواء بالنسبة للإناث أو الذكور بـ 18 عاماً في مؤتمر الحوار الوطني. ومن المنطقي أن لا يتم إدراج هذا البند في الدستور ولكن الخوف أن لا يتم اعتماده في أي قانون بسبب التحايل على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والتي بدأت حتى من قبل أن ينتهي المؤتمر. 
وحتى لو استطعنا أن نحشد الجهود ونشرع قانوناً بهذا الشأن، كيف سنطبقه ومعظم الضحايا الحالية والمستقبلية لا يوجد لديهن حتى شهادة ميلاد لكي نعرف عمرهن. بل الأدهى والأمر أن يتحالف ولي الأمر مع القاضي من أجل تسوية عقد النكاح بحيث لا يكون مخالفاً لهذا القانون، وما أسهل أن يحدث هذا في اليمن. 
القضية ليست مسألة قانون وإن كان وجود القانون سيساعد في محاربة الزواج المبتسر في اليمن. القضية قضية ضمير ورحمة أجد أن كثيراً من الآباء والأمهات قد فقدوها، فكيف يرضى الأب بأن يُعرِّض طفلته لمثل هذا الانتهاك الجسماني والنفساني الكبيرين؟ 
 الإجابة ببساطة لأن كثيراً من الآباء في اليمن للأسف لا يؤدون أبوتهم. وأنا أعرف الكثير من الفتيات اللواتي يعترفن بأن آباءهن لا يعرفون شيئاً عنهن. فهم لا يهتمون ببناتهم، بدراستهن، بصحتهن، بسعادتهن. بل أن الكثير من الآباء أصحاب الزوجات المتعددة لا يعرفون جميع أولادهم. وهناك الكثير من النكت المتداولة عن المشائخ أصحاب الأسر الكبيرة والذين يقومون بحصر سنوي لأفراد العائلة في الأعياد، يتعرفون فيها على الأعضاء الجدد. 
نحتاج في اليمن إلى قوانين تنظم حياتنا، ونحتاج إلى دولة وأجهزة تنفيذية تطبق هذه القوانين. ولكن ما نحتاجه أكثر من هذا هو ضمير ورحمة، فمن أين نحصل عليها؟. 


في الخميس 03 إبريل-نيسان 2014 08:11:40 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1104