|
دأبت الأدبيات النقدية والجمالية العربية على استخدام مصطلح «الشعرية» في العديد من المقاربات المرتبطة بالفنون والآداب، فالشعرية لا تخص الشعر فقط، بل يجري الحديث عن الشعرية البصرية إيماءً إلى التشكيل والفوتوغراف والصور المتحركة بأنواعها، كما يجري الحديث عن الشعرية السردية، وشعرية الأنساق، وشعرية الفراغ، والشعرية الغنائية ذات الصلة بالموسيقى، وإلى ذلك يستخدم مصطلح الغنائية تعبيراً عمّا يتجاوز الموسيقى كالقول بالغنائية البصرية، والغنائية النصية، وهكذا .
مصطلح الشعرية يتّصل بالفنون بعامة، وهو في مجاورته للفن الإسلامي يومئ إلى أن هذا التوصيف والتصنيف المُحددين لفنّ مُحدد يتّصل ببقية الفنون، ولهذا نلتزم بالإشارة الدالة ونقول: إن الفن الإسلامي ليس خارج المنظومة الفنية بعامة، ولا يخرج في أدواته التعبيرية الأساسية عن الضوابط الفنية المتعارف عليها، ولهذا كانت خصوصيته تتصل بعموميته، والشاهد أن منظومة الفن الإسلامي تنوّعت من حيث الأساليب فيما عبرت عن موقف واحد في النظر إلى الوجود والكون، فالتعليم الديني الإسلامي ينطلق من واحدية الجوهر وتعددية الظواهر، ويعبر عن هذه الواحدية من خلال اللامتناهي الموصول بالحق، ويرى أن ظواهر الوجود ليست إلا ترميزاً لكُنه الوجود وأغواره العصية على الإدراك والمحاصرة .
هذه الحقيقة تتجلى من خلال الاستهلال القرآني الدال في سورة البقرة، فالإيمان بالغيب أصل أصيل في الاعتقاد. قال تعالى : «ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون»، وفي هذ القول الرباني إشارة أساسية لمركزية الإقرار بالغيب، وهذا يقتضي توصيل المرئي والمعروف والمُدرك بما يتجاوزهم.
هكذا فعل الفنان المسلم عندما كتب العبارة وقام بالزخارف والنقوش وتشييد العمارة، فكل هذه الأشكال التعبيرية الفنية تاقت إلى توصيل المرئي والملموس بالمجرد، وفي كلتا الحالتين ظل الغيب مستودعاً للأسرار، وتميمةً للمعاني التي تتقافز تفتقاً وتصاعداً.
Omaraziz105@gmail.com
في الأربعاء 09 إبريل-نيسان 2014 11:09:26 ص