الأردن.. وتساؤلات التحول
كاتب/عباس غالب
كاتب/عباس غالب
وأنـا في السيـارة التي أقلتني من الفندق في العاصمة الأردنية إلى أحد المستشفيات لاستكمال العلاج دار بيني وبين السائق حديث متشعب، لكن ما لفت انتباهي في حديثه هو قوله : ((إذا ما استمر الأردن بهذه الوتيرة من الاستقرار متجاوزاً صعوبة الأوضاع من حوله لأمكنه بعد ذلك من تحقيق الازدهار وإقامة الدولة العصرية التي تواكب أكثر الدول تقدماً..)).
لقـد كـان السائق مستوعباً للحالة الأردنية وهو من جيل الفلسطينيين الذين ولدوا وعاشوا في الأردن الشقيق وأصبحوا مكوناً أساساً في المجتمع .. وهي نظرة تتسم بقدر كبير من عمق الرؤية بالنظر إلى المعطيات الجديدة يعيشها الأردن والتي في طليعتها:
أولاً :قدرة القيادة الأردنية على انتهاج سياسة حيادية ومرنة، تتعاطى مع ألغام المنطقة بشيء من الحكمة والاتزان تراعي فيها مصالح الشعب الأردني ، الأمر الذي جعل منها أنموذجاً يحتذى به على مستوى دول المنطقة.
ثانــياً:على الرغم من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الأردني، إلا أنه – بفعل هذه السياسات – أصبح ملاذاً آمناً للاستثمارات العربية ونقطة جـذب للسياحة بمختلف مسمياتها، إذ أن هـذه الاستثمارات أنعشت الاقتصاد، حيث تشير نسبة النمو الاقتصادي قرابة 3% للعام المنصرم 2013م .
ثالــثاً:في مواجهة تلك الأعباء الاقتصادية، عمدت الحكومة الأردنية إلى تخصيص معونات شهرية تصرف لذوي الدخل المحدود من الأردنيين حتى يتمكنوا من مجابهة أعباء المعيشة المرتفعة وذلك في سياق منظومة متكاملة من محاصرة تلك الأعباء .   
رابــعاً : ومما يدعو كذلك إلى التفاؤل بمستقبل الأردن، حالة الأداء السياسي للأحزاب والتنظيمات، سواءً كانت داخل أو خارج البرلمان والمتمسكة بالمصالح العليا مهما كانت التباينات والاجتهادات بين هذه الأحزاب، حيث تتنافس هده القوى وفقاً لبرامج سياسية واعتماداً على أدوات ديمقراطية وسلمية.
ولاشك بأن تلك الاستنتاجات والخلاصات السريعة، لا يمكن قرأتها -أيضاً- بمعزل عن حجم التركة التي ألقت بها أزمات المنطقة وفي مقدمتها استمرار الحرب السورية التي رتبت – هي الأخرى – أعباءً اقتصادية بالغة الكلفة على وضعية الأردن الذي يستضيف أكثر من مليون ومائتي ألف لاجئ سوري ، فضلاً عن الأعباء الناجمة عن تداعيات المسألة الفلسطينية مقابل محدودية الموارد الطبيعية، حيث يعتمد الأردن كلياً على استيراد المشتقات النفطية والغازية من الخارج.
وإذا ما استطاع الأردن تجاوز تلك التحديات والصعوبات خلال العامين المقبلين فإنه سيكون أفضل حالاً من دول المنطقة وجدير بأن يحتل مرتبة متقدمة في سلم المجتمعات المتطورة.. فهل ينجح الأردنيون في هذا الامتحان الصعب ويتجاوزن أزمات المنطقة من حولهم .. أم أنهم سيفشلون في هذا التحدي؟ تساؤل متروك للمستقبل.
في السبت 12 إبريل-نيسان 2014 09:21:36 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1131