متى يعي الخطباء دورهم..؟!
كاتب/خالد حسان
كاتب/خالد حسان
أصبحت خطبتا الجمعة في عدد من المساجد بعيدة كل البعد عن وظيفتها الأساسية, بعد أن حولها بعض الخطباء إما إلى مادة للمماحكات السياسية واستعراض العضلات الحزبية أو تناول موضوعات لا معنى لها ولا تحمل أي هدف، فقط مجرد ضجيج فارغ، أما ما ينفع الناس في حياتهم ودينهم فلا وجود له.
قبل نحو أسبوعين، دعا فخامة رئيس الجمهورية إلى إقامة صلاة الاستسقاء عقب صلاة الجمعة، لكن مالاحظناه أن أغلب مساجد تعز تجاهلت هذه الدعوة تماماً، مع أن الدعوة كان الهدف منها الخير لعموم الوطن وليس لمصلحة سياسية أو حزبية أو شخصية، ولو أن هذه الدعوة كانت صادرة من الحزب الفلاني أو العلاني لوجدت صدى لدى غالبية الخطباء المتحزبين.
الواقع يقول إن أغلب المساجد أصبحت خاضعة للسيطرة الحزبية ويأتمر خطباؤها بأوامر الأحزاب التي ينتمون إليها ويقولون ما تريده هذه الأحزاب ولو كان ضد البلد والناس والأنظمة والقوانين، وقد يكون صحيحاً ما يقال بأن خطبة الجمعة يتم تحريرها وكتابتها في المقرات الحزبية وتوزيعها على خطباء المساجد، أي أنها لم تعد ذات وظيفة توعوية صرفة بل منبر للدعاية السياسية الحزبية.
الجمعة قبل الماضية وفي أحد مساجد تعز، كان موضوع خطبتي الجمعة عن الغيبة والنميمة كسلوك ذميم يجب الابتعاد عنه وتجنبه، وقد أحسن الخطيب اختيار الموضوع، خاصة بعد أن كثرت المشاحنات والاتهامات المتبادلة بين القوى السياسية ومناصريها في الصحف والمجالس وفي كل الأماكن العامة والخاصة.
الخطيب أكد أن الغيبة والنميمة إثم عظيم، لا يجوز لأحد الإتيان به، سواء في حق فرد أو جماعة أو حزب سياسي، غير أن هذا الخطيب نسي أن يبدأ بنفسه أولا،ً وهو الذي لا تكاد تمر جمعة دون أن يشن هجوماً على جماعة أو حزب سياسي ومن نفس المنبر، فقط لأنها لا تتفق مع ميولاته الحزبية وعلى صراع مع الحزب الذي ينتمي إليه، لكنه اليوم ناصح أمين .. فهل يستقيم أن ينصح الناس وينسى نفسه؟!
ذات الخطيب وفي ذات المسجد اختار لخطبتي الجمعة الماضية موضوعاً لا معنى له ولا فائدة منه، الأمر الذي جعل الكثيرين يتساءلون : أليس هناك قضايا أخرى تستحق أن يتناولها الخطيب غير هذا الموضوع.
موضوع الخطبة كان ببساطة عن كذبة إبريل، رغم مرور عشرة أيام على موعدها، ورغم أنه لم يعد لها صدى بين الناس، بل لم يعد لها وجود أصلاً في مجتمعنا اليمني، تحدث في خطبته عن بداية كذبة إبريل قائلاً: إن بدايتها كانت مع إعلان لإقامة معرض للحمير فتدافع الكثيرون لحضورهذا المعرض لكنهم ما إن وصلوا إلى المكان لم يجدوا معرضاً ولا يحزنون، وأن الحمير هم هؤلاء الذين صدقوا الكذبة وحضروا المعرض الوهمي.
الخطبة تحولت من رسالة سامية ذات وظيفة دينية وتوعوية إلى خطبة عن الحمير، وكأن البلد ليس فيه قضايا تستحق أن يتناولها هذا الخطيب، هناك صعوبات الوضع المعيشي وغلاء الأسعار، وتفشي السلوكيات السيئة، والانفلات الأمني والعمليات الإرهابية واستهداف أفراد الجيش والأمن، وغيرها الكثير من القضايا التي تستحق أن تكون مادة لخطبة الجمعة، بدلاً عن الحديث عن كذبة إبريل وحمير إبريل.
البلد يعيش مرحلة جديدة من البناء وموضوعات كهذه لا تغني ولاتسمن من جوع ولا تنفع الوطن والمواطن في شيء.
 فيا أيها الخطباء ارتقوا بتفكيركم ووعوا الناس فيما ينفعهم ويفيدهم ودعونا من قصص الحمير والبغال والفئران والصراصير، ولا تستغفلوا الناس وتستغبونهم بمثل هذه المواضيع والأفكار السطحية.
k.aboahmed@gmail.com
في الأحد 13 إبريل-نيسان 2014 08:43:21 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1133