|
لا يوجد أحد في العالم ينكر أن الاستثمار في التعليم يعد المدخل الرئيسي للتنمية، سواء على المدى البعيد أو القريب. الجميع يتكلم عن أهمية التعليم، ولكن للأسف عندما يأتي وقت إقرار السياسات والتطبيق يتم الضرب عرض الحائط بهذا المنطق ويتم التركيز على أمور أخرى. على سبيل المثال لا تتجاوز ميزانية التعليم في اليمن 6 % في بلد تزيد نسبة الأمية فيه عن 40 %. فكيف نريد أن نبني بلدنا إذا كنا لا نستثمر في عقول أبنائنا وبناتنا؟.. تحدثني ابنتي عما تدرسه في المدرسة وأجد عقلها محشواً بالخزعبلات والكثير من الكلمات التي لا تفهم معناها. لا أستطيع تدارك الأمر، لأن ما يتم تعبئته في عقول أطفالنا خلال 6 ساعات يومياً لا أستطيع أن أعيد برمجته في الوقت القليل الباقي. والأدهى والأمر أن أطفالنا يثقون بما يقوله المعلم أكثر مما يثقون بما نقوله، لأن المعلمين بالنسبة لهم مرجعية، كيف لا وهم المعنيون بالعلم؟، ولذا أقوم بالكثير من الجهد مع ابنتي بأن أقرأ معها كتباً أخرى ونبحث معاً على الإنترنت ويصل بنا الأمر أن نتواصل مع شخصيات أخرى معروفة بثقافتها حتى يتم إقناع ابنتي بأن ما قيل لها في المدرسة ليس بالضرورة صحيحاً. وأجد نفسي حائرة بين زرع ثقافة احترام المعلم والمدرسة من جهة، وبين محاربة ثقافة نمطية متخلفة يؤسسها النظام التعليمي في عقول أبنائنا وبناتنا من جهة أخرى؟! لذا أحلم بأن تكون مدارسنا ونظامنا التعليمي مثل فنلندا التي اكتشفت أهمية التعليم من قبل 40 سنة واستثمرت فيه بشكل كبير حتى أصبحت من أفضل الدول في هذا المجال عالمياً. فمثلاً، في فنلندا ودول اسكندنافية أخرى لا يتم تقييم الطلاب بالدرجات ولا توجد لديهم امتحانات حتى الصف الثامن. يتم زراعة حب التعلم فيهم وليس المنافسة من أجل الدرجات. يتم التواصل مع الأهالي بشكل دوري للحديث عن تطور أطفالهم ومعارفهم الجديدة والتي غالباً ما يكونوا قد اكتسبوها بطريقة عملية عن طريق التجارب في المختبر أو الرحلات الميدانية أو اللعب. في فنلندا يتم استقطاب المدرسين من أوائل الدفع ويجب أن يكون تأهيلهم درجة ماجستير أو أعلى. وتدفع لهم رواتب عالية، ولذا مهنة المعلم تعتبر مهنة محترمة ومرغوبة. كذلك تحصل المدارس على استقلالية في وضع المناهج وكذلك المدرسين في المدرسة وفقاً لمعايير محددة. في فنلندا لا يوجد واجبات مدرسية... يعتقد صناع القرار هناك أن المدرسة يجب أن تعطي الطفل ما يحتاجه من التعليم والفهم وفي البيت تتاح له الفرصة للقيام بأمور أخرى. في فنلندا المعلم غير المتميز يتم إعطاؤه دروساً وتدريباً إضافياً للرقي بمستواه بدلاً من التخلص منه، والطالب الضعيف يتم التركيز عليه وإعطاؤه اهتماماً خاصاً بدلاً من تجاهله. إذا استثمرنا في التعليم في اليمن بشكل مُبتكر سوف نساعد أبناءنا في الابتعاد عما يفسدهم، بدءاً من القات وانتهاءً بالإرهاب. ونستطيع أن نغير تفكيرهم ليقدموا حلولاً عملية لما يصادفهم من مشاكل بما فيها البحث عن مصادر الدخل والتنمية المجتمعية.أتمنى أن يسمعني متخذو القرار من المسئولين عن عقول أبنائنا وإذا لم يستطيعوا تقديم الحلول ليتنحوا جانباً ويدعوا المجال لمن يستطيع أن يحدث ثورة في التعليم في اليمن لأن عقول أطفالنا تستحق الاحترام.
في الخميس 17 إبريل-نيسان 2014 10:04:42 ص