تايتنك.. نسخة جديدة !!
كاتب/عباس غالب
كاتب/عباس غالب
لا تزال ذاكرتي المنهكة تختزن بعض مشاهد فيلم (تايتنك) الذي أبدع في تصوير تلك الكارثة الانسانية التي وقعت قبل أكثر من مائة عام وأدت إلى غرق قرابة ألف شخص كانوا على متنها في أول رحلة تدشّن بها هذه السفينة العملاقة رحلاتها عبر المحيطات بعد أن أفنى العلماء سنوات لتشييدها وفقاً لأحدث مواصفات السلامة والفخامة وتم على أساس ذلك توزيع المسافرين حسب مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية على طبقات السفينة من الأدنى إلى الأعلى. 
ولا تـزال ذاكرتي المُرهقة تستعيد بين الحين و الآخر تلك القصة المغرقة في التضحية والرومانسية التي جرت بين بطلي القصة, فضلاً عن مشاهد البطولة والإيثار التي اجترحها بطل القصة خلال اللحظات الحرجة لتقديم المساعدة والعون لإنقاذ عشرات الركاب ممن كان يتهدّدهم شبح الموت غرقاً مع مرور كل ثانية والسفينة العملاقة تتهاوى رويداً رويداً إلى قعر المحيط. 
وفي تفاصيل هـذه القصـة الانسانية الحقيقية.. كيف أن بطلها أسلم الروح في صمت أبدي كجثة هامدة إلى جانب القارب الصغير وقد جمّدت المياه الباردة أطراف يديه الممسكتين بقارب حبيبته بعد أن ضمن سلامتها.. وهي التي روت هذه التفاصيل بعد نجاتها ومجموعة من ركاب (تايتنك). 
               *** 
- أما لمـاذا تذكّرت هـذه القصة الإنسانية في هذا الوقت تحديداً؟ الحقيقة هي أنني استمعت مؤخراً ــ كغيري ــ عبر وسـائل الإعلام إلى تفاصيل غرق السفينة الكورية التي كانت تقل على متنها مئات من الطلبة في رحلة سياحية, حيث تعثّرت خلال هذه الرحلة أقدام السفينة قبل وصولها إلى غايتها.. والرابط هنا هو أن مأساة السفينتين واحدة رغم مرور الوقت الطويل بين الحادثتين المؤسفتين «!» على الرغم من مأساوية الحدث، فإن الأمر لم يقتصر عند هذا الحد من التفاصيل المتشابهة وإنما – كذلك – فيما رواه الطلبة الناجون من حادثة غرق السفينة الكورية عن قصة أستاذهم البطولي الذي فضّل التضحية بنفسه من أجل إنقاذ طلبته الواحد تلو الآخر.. ولم يشأ أن يُفلت بجلده كما فعل قبطان هذه السفينة الذي غادرها قبل الغرق، حيث ظل معلّم الطلبة خلال دقائق الفجيعة يركض يمنة ويسرة لإنقاذ طلبتـه الـواحد تلو الآخر إلى أن أسلم الروح وهو يقدّم أروع دروس التضحية والإيثار. 
 الآن يقيم الطلبة الكوريون الناجون من هذه المأساة وأهلوهم والمسؤولون احتفالات مستمرة لتخليد روح هذا الأستاذ الذي سطّر مشاهد البطولة حتى وهو يصارع سكرات الموت غرقاً لإنقاذ طلبته.. تماماً كما حدث مع بطل سفينة «تايتنك». 
 وأتصوّر أن مبدعاً سيأتي في قادم الأيام ليرسم ملامح هذه المأساة الإنسانية الكورية في قالب روائي أو عمل سينمائي أسوة بفيلم «تايتنك» يخلّد فيه روح التضحية والإيثار والبطولة التي تحلّى بها الأستاذ الكوري فضلاً عن إدانة شخصية القبطان الهارب من أبسط مسئولياته وهو يلوذ بحياته عملاً بالمثل العربي الشائع: 
«يا روح ما بعدك روح»!! 

في الأحد 27 إبريل-نيسان 2014 09:10:43 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1184