|
الحالة العربية الراهنة لا تسرُّ عدوّاً ولا حبيباً، خاصة إذا ما ألقينا نظرة سريعة على تداعيات وتطورات ما بعد ثورات الربيع العربي مهما تفنّن البعض في تقديم المبرّرات لتجميل صورتها، بل القول الصحيح - في هذا السياق - هو أن ما كان يبشّر به الغرب حيال الفوضى الخلّاقة قد تأكد فعلاً أنها الفوضى الهدّامة حيث مظاهر الانفلات الأمني والاختلال الاقتصادي وجنوح هذه المتغيرات إلى حروب داخلية متعدّدة الأهداف والأطراف!
وبالطبع فلستُ بحاجة إلى مزيد شرح أو التدليل على وقائع محدّدة، خاصة وأن الساحة العربية تعج بأمثلة صارخة على هذا التدهور والانفلات والاقتتال وحيث ما وجهت وجهك شطر الوطن العربي فلن تجد ساحة تعيش الاستقرار والرخاء بما في ذلك الدول التي لم تعصف بها رياح التغيير حتى الآن، إذ أن ثمة ما يعتمل بدواخلها من حراك خطير ينذر ببركان تحت الرماد!
ولا شك أن ذلك أحد أوجه الصورة العربية الراهنة بكل مأساويتها وإخفاقاتها، لكن الوجه الآخر من هذه الصورة فيتمثّل في ازدياد نفوذ القوى الإقليمية في شؤون الداخل العربي، فضلاً عن تمسُّك الساسة الاسرائيليين بترجمة مخططات التهويد والاستيطان إلى وقائع عملية على الأرض والتنكر المستمر بشرعية الحقوق الفلسطينية في إقامة الدولة المستقلة والوفاء لمتطلبات الأسرة الدولية لتطبيق حل الدولتين.
فهل أكثر من حالة التعنّت الإسرائيلي لكل مبادرة السلام والحالة التي تعيشها الساحة العربية.. ما يدعو إلى التفاؤل بإمكانية استرداد الحُلم واقعياً وبصورة إيجابية وغير ملتبس ويفضي إلى حالة أفضل في مشهد التدخل الإقليمي و الصلف الإسرائيلي والغياب العربي؟!
لا شيء ملموس يدل على إمكانية التفاؤل.. وإن كان ثمة من يرى عكس هذه الصورة من زاوية استمراء حالة الفوضى التي لا تمت بأيّ حال من الأحوال إلّا في كونها فوضى خلّاقة، إن لم تكن هي عينها الفوضى الهدّامة!!
في الثلاثاء 29 إبريل-نيسان 2014 08:20:28 ص