|
لمزيد من معرفة طبائع الإنسان الهوائي، أُحيل القارئ الكريم إلى كتاب «الأبراج الصينية» ليقرأ فيه طبائع برج القرد. هذه الإحالة الإجرائية تسمح لنا بتناول العلاقة المحتملة بين الهوائي والناري من حيث كونها علاقة دمار وخراب شاملين، فإذا كان الهوائي يتمتّع بذكاء عاطل، وقدرة على التنقل من حال إلى حال، والقفز من منصة إلى أُخرى؛ فإن الناري يتمتَّع بذكاء شيطاني، وقدرة استثنائية على التفاعل المُدمِّر مع الهواء، ولنا في حرائق الغابات السنوية خير مثال، وللهوائيين أن يدركوا أن اللَّعب مع الناريين كاللعب بالنار، وأن مواهب الهوائي سبيل سالك لنيران حامية لا تُبقي ولا تذر، وكأنها لوَّاحة للبشر.
تلك الحقائق التي أدركها «فوفو» بعد تجارب مريرة مع الناسوتيين جعلته يميل إلى التجريدات البوذية المنطقية حتى أصبح فاقداً لنعمة التميُّز في كونه لا ينسى كالآخرين، فقد وصل إلى قناعة بأنه قد يكون نبتة في الفلاة، أو حجرة في المتاهة، أو قطرة ماء في بحر كبير، أو حتى حبة قمح صغيرة؛ وتلك الأخيرة انطبعت في مخيلته، وترسَّخت في عقله، ولم يستطع منها فكاكاً إلى درجة جعلته يتماهى مع الأُسطورة التاريخية حول السيكوباتي الذي تحوَّل إلى حبة قمح، فقد اعتبر فوفو نفسه حبة قمح مؤكّدة، ولعل اكتشافه جدول العالم الروسي “مندليف” الخاص بالعناصر الكيميائية في الطبيعة، جعله يتطيَّر أكثر من اللازم، ويعتقد جازماً أنه قد يكون حبة قمح صغيرة تأكلها دجاجة..!! وقد يكون تبعاً لذلك مجرد لقمة في منقار تلك الدجاجة المفترسة، ومن هنا بدأت معاناته من عدم النسيان، حتى أصبح شبيهاً بالعسكري الخطير«مونتغمري» الذي خاض مئات الحروب والمعارك، وقيل عن شجاعته وحنكته الكثير والكثير؛ لكنه كان يخاف من الظلام، ولم يكن ينام إلا تحت أضواء ساطعة طوال الليل.
Omaraziz105@gmail.com
في الأحد 04 مايو 2014 10:59:46 ص