معكم الله.. قبل دول العالم
استاذ/عباس الديلمي
استاذ/عباس الديلمي
أعرف الرئيس عبدربه منصور هادي منذ ثماني عشرة سنة، ولم أشاهد علامات الألم والتأثُّر البالغ في تعابيره وقسمات وجهه كما شاهدته يوم التاسع والعشرين من أبريل المنصرم، وهو يتحدّث إلى الأكاديميين الشرطويين ومن خلالهم إلى اليمانيين قاطبة. 
كان يتحدّث عن الإرهاب والقتل والتخريب وما تتعرّض له اليمن، وقبلها شعبها ومنجزاته من تدمير لكل شيء على أيدي من ران على قلوبهم الظلام، وسكن الليل عيونهم، وترعرع الحقد في أرواحهم. 
حينها لم أكن أعلم عن حجم إعداد العدّة للمعركة أو الحرب التي بدأت يومها لحسم المعاناة ووضع الحد الفاصل مع الإرهاب التكفيري واستئصال شأفته كداء دخيل على مجتمعنا اليمني، ولكني أحسست أن الرجل جادٌ كل الجِد فيما يقوله ويشكوه، وأنه قادم على اتخاذ قرار حاسم بحجم مسؤوليته عن شعب ووطن وأجيال قادمة، قرار بحجم أمانة وشرف مسؤولية حملها، بل حمَّلَهُ شعبه إياها، وما هي إلاّ ساعات حتى سمعت عن بدء معركة عسكرية شاملة لمواجهة الإرهاب والتخريب في الأماكن التي جعلا منها أوكاراً وبؤراً في أبين وشبوة والبيضاء وغيرها، فشعرت بصدق ما توقّعته، وأن القرار الحاسم والأهم قد تم اتخاذه بعد صبر ومعاناة ومرارة أحسّ بها الجميع، وهو يخاطب - في حديثه المشار إليه - من يطلبون منه التفاوض والمصالحة مع مجاميع إرهابية، جُلَّها من الأجانب، بنسبة تصل إلى سبعين في المائة، لا تهمهم اليمن وأهلها، ولا هدف لهم إلاّ إلحاق الدمار بما هو يمني، مجاميع مسكونة ومزروعة بما جعل شعوبهم تلفظهم، كما ترفضُ أنظمة بلدانهم استقبالهم - وإن جثث هامدة - وكأنها تخشى على تربة بلدانها مما تبقّى في تلك الأجساد..!!. 
أشار فخامة الرئيس إلى نفاد الصبر وعدم المقدرة على التحمُّل لما يلحق باليمن وأهلها من أذى، وأنه لا يوجد هناك مصوِّغٌ لأن يتحاور رئيس دولة ومؤتمن عن وطن مع مجاميع إرهابية 70 % منها غير يمنيين تم استقدامهم والزج بهم إلى اليمن كمحترفي إرهاب وقتل وتكفير، ولهذا أكد قادة عسكريون كبار أن المعركة والمواجهة التي بدأت مع الإرهاب التكفيري والتخريب المدمّر لن تتوقف إلاّ باستئصال ما قامت من أجله، وفاءً لدماء الشهداء وضحايا الإرهاب. 
إن اليمانيين من رجل الشارع، إلى النُخب المختلفة، إلى القادة من ساسة وعسكريين، وقبلهم الأيتام والثكالى والأرامل من ضحايا الإرهاب، يرون أن الحرب التي أُجبر اليمانيون على خوضها ليست حرباً أهلية بين فريقين يمنيين، بل هي حرب مع مجاميع إرهابية دخلت البلاد بصورة غير قانونية بغرض التخريب والحرابة وشق الصفوف وإثارة النعرات المذهبية، مجاميع يقودها ويخطّط لأفعالها شيشاني وأزبكي وسعودي ومصري وفرنسي وجزائري وبريطاني ومن يُدعى «بوكاسو» وما شابه ذلك، فعلى أي أساس يتم التحاور معهم، وأي نقاط صلح يتم التصالح والتسامح على أساسها..؟!. 
اليمني لا يذبح بسكين عنق أسير لديه - وإن كان أجنبياً - اليمني لا يرتكب مذبحة بحق أخيه اليمني في مستشفى أو نقطة حراسة خدمية كما حدث في مستشفى العُرضْي أو النقاط الأمنية الساهر أفرادها على أمن إخوتهم. 
اليمني هل يخطّط ويموّل ويُحفِّز على التفجير الانتحاري وسط جنود يستعدّون لعرض عسكري أو طلبة كلية للشرطة، وهل ينشغل بفتاوى ذبح الأسير، هل من الحنجرة أو من الرقبة، وهل يُحفِّز على قتل ضابط أو جندي لكفاءته العلمية والاستيلاء على سلاحه وركل رأسه بعد الغدر به، هل اليمني من يفعل ذلك بأهله ووطنه..؟!. 
من خلال تلك الأعمال وما شابهها يرى اليمانيون أن حربهم حرب مع عدو أجنبي أخَلَّ بقوانين وضوابط دخول البلدان المستقلة ذات السيادة، واستمرأ جرائم الحرب التي يتباهى بها ويحرّض عليها. 
 فيا دُعاة الحوار والتصالح مع المشار إليهم، أية قضية يمنية يتبنّاها أولئك الأجانب ليتم التحاور حولها، وأي قواسمٍ مشتركة يتم على أساسها التصالح..؟!، إنها الحرب التي ينظر ويتعامل معها اليمانون على أنها حربهم أجمعين، وهذا ما أحاطها بهذا الالتفاف الشعبي الذي لم يحدث في كل الحروب التي خاضتها اليمن - إلاّ في حربها ضد غازٍ أو مستعمر - وهي الحرب التي وجد الرئيس هادي نفسه وهو يتخذ قرارها التاريخي مدعوماً من كل الدول والهيئات في العالم، وإن كان اعتماد اليمانون ورئيسهم على الله وعدالة ما أقدموا عليه دَفْعاً لما هو شرٌ ودمار وفتنة. 
وختام القول: لا أحد مِنَّا يرفض التصالح والتسامح مع يمني أخطأ، أما غير اليمني، إذا ما جاء غازياً مكفِّراً فنقول لفخامة الرئيس: «لا تُصَالح»..!!. 
شيء من الشعر: 
يا «أم جُنْدُبَ» ما فَتِئْتِ للحمنا 
أكَّالةً، ولفتنةٍ تتأهْبُ 
وتمدُ ذيلاً أودَعتهُ شُرورَها 
فتدسُ، ما دَسَّت بذيلٍ عَقربُ 
تبكي على دِيْنٍ، وتنشرُ دعوةً 
وتَضِيق من فِكْرٍ حواهُ مَذْهَبُ 
وتَبِيتُ حاضنةً ربيبَ خيانةٍ 
إن ضَمَّهُ خالٌ، فليس لَهُ أبُ 


في الإثنين 19 مايو 2014 08:44:44 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1271