كيف ننقذ مشروعنا الوطني من سباته العميق..؟!
دكتور/د.عادل الشجاع
دكتور/د.عادل الشجاع
منذ أن اتفق المؤتمر الشعبي العام مع أحزاب اللقاء المشترك في 23 فبراير 2009م على تأجيل الانتخابات ونحن لم نتقدّم خطوة واحدة إلى الأمام، اللهم إلا مؤتمر الحوار الذي رفع سقف الأحلام للشعب اليمني الذي مازال ينتظر دون جدوى. 
لقد بدأ مؤتمر الحوار بالآمال العظام، وانتهى ببقاء الوضع السياسي على حاله، مازلنا نعاني كل الأمراض السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بل نعيش في ذيل ترتيب الأمم. 
مازلنا في عداد الدول الفقيرة التي تنتظر الهبات والمعونات من الآخرين، ونحن ندّعي أننا صنّاع حضارة كان لها دور في مجال الزراعة والصناعة واليوم نستجدي الآخرين؛ في الوقت الذي نحرق قطرات البترول التي أنعم الله بها علينا ونطفئ الكهرباء التي تضيء لنا دروب الظلام، ونقتل بعضنا بعضاً، ولا نحترم العمل ونحب الكسل ونعتلف شجرة القات، حتى لم يعد فرق بيننا وبين المخلوقات الأخرى التي تقتات على العلف والبرسيم، منذ العام 2011م ونحن غير قادرين على تحقيق الأمن والاستقرار؛ كل ما حقّقناه هو ارتفاع معدّلات القتل والجريمة وارتفاع نسبة الفساد. 
أصبحنا نستخدم شعارات الثورة لكي نغطّي على عجزنا، كنّا نعتقد أن أصحاب شعارات التغيير سيديرون الثروة اليمنية، وسيعملون على تنميتها حتى نتمكّن من ستر العدد الأكبر من الفقراء، وكنّا نعتقد أن الأغنياء سيستثمرون أموالهم في العمران وليس في القتل والتخريب، كنّا نعتقد أن الذين نهبوا الأراضي سيعيدونها إلى هذا الشعب الذي لا يملك سكناً ولا وطناً يحتمي به. 
كنّا نعتقد أن النُخب الثقافية ستحافظ على التراكم المتاح ولن تعمل على هدره أو التفريط فيه؛ لكننا وللأسف وجدنا هذه النُخب تسلّم بتمزيق الوطن. 
ولست بحاجة إلى القول إن ما أصاب الوطن هو نتاج لتلك الأيادي المرتعشة غير القادرة على اتخاذ القرار أو المحاسبة التي تعمل على الفصل أو الإطاحة عند الفشل، أضعنا قوة القانون وقوة السياسة. 
لقد أضعنا ثلاث سنوات من الفترة الانتقالية دون أن نفكر فيما بعدها، فأصبحت أزمتنا دائمة وأصبحت لدينا قدرة هائلة على التبرير ومقاومة التغيير. 
المرحلة الانتقالية كانت تستلزم الحرص على التعامل مع العالم الخارجي ليس بالانصياع له؛ وإنما بتعيين سفراء يعملون على حشد الموارد وتعريف الأصدقاء والحلفاء والمنافسين والأعداء بما يجري في الداخل. 
لقد استدرجت القوى السياسية اليمنية ودخلت معارك كان يمكن تجنبها، وحروب لم تكن من الضرورات؛ أمسى المواطن اليمني لا يشعر بالأمل؛ بل إن الغالبية من اليمنيين يشعرون أنهم أسوأ حالاً مما كانوا عليه، وأغلب الشباب فقدوا الأمل في المستقبل. 
 لقد اختلّت الموازين وتحرّكت طواحين الصراعات، وسقط القتلى والجرحى واختل النظام الأساسي وسقطت هيبة الدولة، نحتاج إلى إعادة تركيب الدولة حتى لا نضيّع الفرصة مرة أخرى، ولن نستطيع بعد ذلك الخروج من الحالة التي وصلنا إليها. 
 لقد تغيّر العالم ومازال يتغيّر بسرعة منقطعة النظير، وعلينا الاستفادة مما يجري حولنا إيجابياً ونعزّز الانتماء إلى الوطن؛ فإنه للأسف الشديد أصبحنا نتباهى بعمالتنا إلى الخارج، وأضحى ذلك نوعاً من التباهي والتغاضي. 
نقول للمؤتمر الشعب العام واللقاء المشترك “حكومة الوفاق” انتهى الحفل ولم يعد هناك شيء يساعد على العيش، والعروسان لم يتمتعا بشهر العسل بعد، والقاعة مقلوبة مقاعدها، وفي الأركان بقايا دم وأشلاء، ومن أفرطوا في الشراب لم يبق لديهم إلا حالة سكر وروائح؛ ولكن الفرصة حول يمن جديد مازالت قائمة ولم تذهب بعد ولم تعد الحسرة تنفع، اتركوا الحكومة لكفاءات وطنية ليس لديها ثأرات ولا عداء مع الوطن. 
ومن يطالع في مفردات الخطاب السياسي الراهن للأحزاب المشكّلة للحكومة ويتوقّف بالتأمل أمام اتساع مساحة الجدل والعناد على حساب مساحات الحوار والمكاشفة ومدى الاستعداد للتصحيح والمراجعة؛ يجد أن السبب يعود إلى جمود الفكر لدى هذه الأحزاب وغياب المشاريع التي تمثّل المدخل الصحيح نحو إمكانية مراجعة الأخطاء. 
أزمة الأحزاب السياسية في بلادنا تتمثّل بأنها تريد أتباعاً؛ وهذا يتصادم بشدة مع كل مناهج ومدارس الديمقراطية التي تعلي من شأن الفرد وتسمح له بالتفكير السليم. 
إن الوطنية يا هؤلاء التزام وعطاء قبل أن تكون حقوقاً فئوية واستحقاقات سياسية، ونحتاج إلى إيقاظ مشروعنا الوطني من سباته العميق الذي انزوى فيه منذ 3 سنوات تحت رايات المطالب الفئوية والمكائد السياسية والخلافات المذهبية وملاذات الخارج ووكلاء الداخل. 


في السبت 24 مايو 2014 06:02:42 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1288