|
الحكم الرشيد يعني المواطنة الواحدة المتساوية، والعدل الاجتماعي، وإلغاء المراتبيات الاستيهامية السلالية والجهوية الخسيسة، واعتماد قوانين الشفافية المالية والإدارية، وتوسيع ملعب المشاركة في التنمية والتطوير، من خلال آليات لا مركزية شاملة، والفصل الإجرائي بين السلطات، واعتماد جوهر الشريعة على قاعدة تكاملها الشرطي مع الفضلية، تأكيداً لمقاصد الدين وجوهره الناصع، واعتبار الاجتهاد الدنيوي تشريعياً قيمة تعزّز معنى الحكمة والفضيلة، وتمتين اللُحمة الوطنية من خلال الأخذ بالأسباب الحقيقية للتطوّر والازدهار؛ ذلك هو «الحكم الرشيد».
يتلخّص مفهوم الحكم الرشيد في الدولة العصرية الضامنة لاستمرارية الحياة على قاعدة التنمية المستدامة، وإعادة الإنتاج المادي والروحي، ضمن سويَّة قانونية تؤدّي إلى تكامل المجتمع لا تنافيه وتقاتله، ومثل هذه الدولة تعتلي بمقام المواطن بوصفه تعبيراً واقعياً وقانونياً عن الهُوية، ولا تضع حواجز بين المواطنين، ناهيك عن الآخر الإنساني الذي ينضمُّ إلى ركب المساهمة والتعايش معنا.
ومثل هذه الدولة تحافظ على المسافات المنطقية بين السلطة والمؤسسة والشعب، وهذه المسافات تتلخَّص في تعدُّد الضرورات، وتكامل المصلحة، فالسلطة التي تخطف المؤسسة ستجد نفسها مخطوفة من ذات المؤسسة، والمؤسسة التي تُصادر حقوق المواطنين في المشاركة ستواجه ثورة عارمة من قبل البشر المغلوبين على أمرهم، وهذا ما حدث بالضبط في بلدان العرب التي ضاعت فيها السلطة والمؤسسة والشارع معاً؛ لأن متوالية العمل الدولتي قامت على مصادرة السلطة للبقية، وكان عليها أن تدفع الثمن بأن تكون هي ذاتها مصادرة من قبل القاعدة، مما رأينا ونرى تجلياته إلى يومنا هذا.
يتحقّق الحكم الرشيد في اليمن إذا تجاوزنا العتبات التالية: تطبيق مرئيات المبادرة الخليجية، والشروع في بناء الدولة الجديدة وفق توصيات مؤتمر الحوار الوطني، والذهاب بعيداً في معادلة التنمية النابعة من دولة اتحادية لا مركزية ناجزة، تكون بمثابة الدولة الحاضنة للتغيير، والمُنافحة عنه.
Omaraziz105@gmail.com
في الإثنين 26 مايو 2014 08:58:50 ص