إنسان المتاهة
دكتور/د.عمر عبد العزيز
دكتور/د.عمر عبد العزيز
قبل حين تحدث البروفسور الروماني دوميتري كيكان عن «إنسان ما بعد الإنسان» مشيراً بالأساس لإنسان ما بعد الحداثة الأوروبية الذي تخطفته الأنواء الرقمية المحاطة بالأوهام، والنماء الاستهلاكي المفارق لسوية البشر والطبيعة، لكن هذا الإنسان الذي تتجلى ملامح بؤسه المعولم بالتكنولوجيا الرقمية والأجهزة الذكية يتجاور مع نوع آخر من سكان المعمورة.. هذا العالم الذي وحد البشر في البؤس العام لم يوحدهم في أنماط وأشكال البؤس ، فإذا كان إنسان ما بعد الإنسان صفة الكائن القابع في قمة الثورة التكنولوجية المعلوماتية ، فإن إنسان ما قبل الإنسان يحضر بسخاء مفرط في جنوب العالم الفقير، وينحدر هذا النمط الإنساني إلى مستويات أدنى مرتبة من الحيوان ، والشاهد أن الحيوان المملوك ينعم بالرعاية أكثر من إنسان العالم الثالث، لأن الحيوان يمثل قيمة مادية، فيما يمثل الإنسان فائض قيمة حقيقية ، ومصدر عبء لا بد من التخلص منه بالحروب والتذويب المعنوي والنفسي، بل الاستبعاد الإجرائي بكل السبل والوسائل. 
 إذا كان إنسان الغرب المادي يسير بخطى واثقة نحو فقدان إنسانيته، محكوماً بآلة الرأسمالية المتوحشة التي تصادر جوهره الكياني وترميه في غياهب الحيرة والقلق ، فإن إنسان العالم العربي يواجه ذات المحنة بمضاعفة تراجيدية مدمرة ، وبهذا المعنى نتساوى في الموت النفسي والمعنوي،استتباعاً لموت فيزيائي لا مفر منه . نعم ..إنسان مابعد الإنسان هو الوجه المقابل لإنسان ما قبل الإنسان ، ولا ميزة لأحدهم على الآخر . 

Omaraziz105@gmail.com

في الأربعاء 11 يونيو-حزيران 2014 08:55:32 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1357