|
الحلقة ( 1 )
حلَّ عليكم وعلينا، بحمد الله تعالى، شهرُ رمضان المعظم، شهرُ الفرقان والرحمة والغفران، شهرُ التسامح والإخاء وفضائل الأعمال، فمبارك لكم ولنا إدراك غرّة هذا الشهر الكريم الذي يعتبر مدرسة روحية لمستوى عالٍ من مكارم الأخلاق نتعلّم في رحابها على مدار هذا الشهر العظيم كيف نسمو بأخلاقنا ونرهف أحاسيسنا ونهذب طباعنا وذلك عن طريق الإقبال الكامل على قراءة القرآن الكريم وتلاوته والتمعن في تعاليمه والتأمل في إعجازه إلى جانب قراءة السنّة المحمدية لنبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم والقيام لله والاستغفار والاستذكار.
إلى جانبِ ما تقدَّم ذكره، حريٌ بنا أن نروّح عن النفس بين الحين والآخر بخلاف اللهو والإسراف من غير فائدة ومن غير طاعة وذلك ـ وعلى سبيل المثال ـ القيام بجولة في رياض الشعر الشعبي العامي ومنه الموروث الشعبي الذي زخرت به حضرموت الذي يحوي نفحات من المواعظ والدروس والِعبر من حِكمٍ وأمثال وأعذب الأشعار وأرقّها وغير ذلك مثله مثل كل فنون الشعر الشعبي في عموم اليمن.
ومن ذاك المنطلق ارتأينا أن نعد لكم خلال هذا الشهر المبارك حلقات شبه يومية عن الشعر الشعبي بحضرموت، لنأخذكم في جولة تستمتعون فيها بنفحات ريانة من الشعر الشعبي، وتستذكرون من خلالها إبداع وتجليات شعرائنا القدامى، وما خلّفوه لنا من موروث حريٌ بنا الحفاظ عليه وطباعة دواوينهم المخطوطة التي مضت عليها عقود عدة من الزمن.
إن الشعر العامي أو الشعبي يُعدُّ صوت أبناء الشعب بلغتهم العامية يجسّد نظرتهم إلى الحياة وطموحاتهم ومعاناتهم وأحلامهم ومشاعرهم فرحاً وحزناً، طرباً وضجراً، أملاً ويأساً، كما أنه ـ أي الشعر الشعبي ـ يوثّق تاريخهم وأطوار نظم الحكم التي تعايشوا معها على مر العصور، إلى جانب ميراثهم الشعبي من عادات وتقاليد وأعراف بقي بعضها واندثر البعض الآخر منها، كما أنه يُعدُّ عاملاً مهماً في توثيق وشائج اللحمة الشعبية بين أبناء الوطن وتمتين عُرى الوحدة الوطنية، وقد تنبّهت لذلك قيادة العزيزة «الجمهورية» برئاسة الصحافي المثقف الأستاذ سمير اليوسفي، فاهتمّت بهذا اللون الثقافي الشعبي؛ تجلّى ذلك في «الثقافية» التي أصدرها الأستاذ سمير اليوسفي، وفي غالبية الأعداد اليومية لـ«الجمهورية» الصحيفة؛ فكان لها شرف السبق في هذا المضمار.
لقد سلَّم العديد من النقّاد العرب وعلى رأسهم الناقد اللبناني الشهير “مارون عبود” راية الإبداع لهذا الفن، وقال مدلّلاً على ذلك في كتابه الموسوم بـ«الشعر العامي»: (إن الشعور بالحياة وإدراكها الكامل لا يكونان تامّين إذا عبرت عنهما بغير اللغة الدائرة على الألسنة؛ وبهذا يثير شاعرنا العامي النفوس إثارة يعجز عنها أكبر شعرائنا الرسميين) [الشعر العامي – ص ــ 63].
لقد استعنا في إعداد حلقاتنا هذه بأهم الكتب والمراجع والمصادر في مقدمتها كتاب «نثر وشعر من حضرموت» للمستشرق الإنجليزي «روبرت سار جنت» ترجمة سعيد محمد دحي، تحقيق المؤرخ الراحل محمد عبدالقادر بامطرف، و«المعلّم عبد الحق» و«مختارات من الشعر الشعبي الحضرمي» و«الميزان» و«التراث وصناعة الشعر» وهي للمؤرخ محمد عبد القادر بامطرف و«الدان في حضرموت» للمؤرّخ عبدالقادر الصبان، و«الفكر والثقافة في التاريخ الحضرمي» للمؤرّخ سعيد عوض باوزير، وكتاب «حضرموت, الإنسان والبصمة» للكاتب الباحث سالم علي عبدالله الجرو، وكتاب «شعر المحضار.. النشيد والفن» للدكتور عبدالله حسين البار، و«الشعر الحميني في حضرموت» للأستاذ عمر محفوظ باني، وكتابَي «أوزان الشعر الشعبي وقوافيه» و«عميد الدان.. عاشق النغم» للأستاذ جيلاني علوي الكاف، و«شاعر المكلا القديم.. أحمد محمد بكير» للدكتور عبدالعزيز الصيغ، و«باحريز فارس المدارة» للأستاذ مجدي سالم باحمدان، وكتاب «من الشعر الشعبي الحضرمي» برواية محمد عبدالرحمن باني، وكتاب «الهجرة والاغتراب في الشعر اليمني» للأستاذ بدر بن عقيل، إلى جانب بعض الدواوين والدراسات والمجلّات والمواقع والمدوّنات وما تيسّر لنا من تسجيلات صوتية.
في الحلقة القادمة ـ وقبل الإبحار في نفحاتنا الشعرية هذه ـ سنقدّم لكم نماذج من بيت أو بيتين من الشعر الشعبي في ربوع الوطن الموحّد، فتابعونا.
في السبت 28 يونيو-حزيران 2014 11:45:20 ص