العقاب الواجب على مجرمي الكهرباء
دكتور/د.عمر عبد العزيز
دكتور/د.عمر عبد العزيز
في كل الآداب الإنسانية المقرونة بالأديان والقوانين الوضعية وحتى الأعراف، يتناسب العقاب مع نوع الجريمة المرتكبة، والجرائم واضحة البيان والسفور، ومع سبق الإصرار يتم تغليظ العقوبات عليها، خاصة عندما تكون ذات طابع مركّب ومتعدّد الآثار كما هو الحال بالنسبة لجريمة الاعتداء على أبراج الكهرباء التي تنطوي على كامل الأركان المطلقة للجريمة البشعة مع سبق الإصرار والترصد. 
 آية ذلك أن المعتدي على أبراج الكهرباء يعتدي على الحق العام للدولة، وهذا الحق العام هو ضمناً وجوهراً حق عام للشعب، كما أنه يعتدي على الحقوق الخاصة لأفراد المجتمع الكبير الذين أسهموا في تشييد الأبراج ومحطّات الكهرباء. 
 وإذا ما دخلنا في تفاصيل الأضرار الكبيرة التي تلحق بعموم الوطن سنرى أن هذا الفعل الإجرامي يؤدّي إلى خسائر مباشرة بملايين الدولارات التي يحتاج إليها الشعب، كما ينطوي على خسائر غير مباشرة بملايين الدولارات؛ وذلك من خلال التعطيل الشامل لثلّاجات حفظ المواد الغذائية والدواء سواء على المستوى المؤسسي أم في المنازل. 
 كما يتضمّن هذا الفعل الأثيم قتلاً مؤكداًَ لمئات آلاف المرضى المتناثرين في مستشفيات العناية المركّزة، بالإضافة إلى الأضرار الصحّية والنفسية البالغة التي تطال العجزة والمصابين بالأمراض المزمنة، وصولاً إلى تعطيل كل وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي والمعرفي والعلمي. 
أمام هذه الحقائق التي لا تمثّل إلا بعضاً من كل الآثار المدمّرة لأفعال مجرمي الكهرباء نتساءل: ما هي العقوبة المناسبة لمثل هذا الضرر العام، وما هو التكييف القانوني المنطقي لهذه الأفعال الإجرامية وغير المسبوقة في كل العالم، وهل العقوبة الافتراضية تطال المرتزقة المنفّذين فقط أو الذين يقفون وراءهم دعماً وتشجيعاً أيضاً، ألا يستحق أمثال هؤلاء أقسى العقوبات جزاءً للأضرار التي تطال الحياة وتعيدنا إلى مربعات قاتمة لم نتصوّرها ذات يوم ويتعجّب منها العالم برمّته..؟!. 
مجرمو الكهرباء وأمراء الحرب الاعتياديون الذين يقفون وراءهم يستحقّون العقوبة التي تنصُّ عليها كل شرائع الأرض والسماء، وأقل صفة تطال هؤلاء هي أنهم «قتلة محترفون» قبل أن يأخذوا أية صفة أخرى، والقاتل لا يرعوي إلا بذات العقوبة الشرعية. 
أتمنّى من رجال القانون اليمني تدارس التكييف القانوني الطبيعي لجريمة الاعتداء على أبراج الكهرباء، وإظهار الرأي الشرعي والقانوني دون مواربة، وعلى القائمين على أمر الحاكمية التصرُّف وفق مرئيات القانون، وإلا فإنهم سيتموضعون في ذات المربع البائس وإن أحسنوا النيّة وراهنوا على الصبر. 

Omaraziz105@gmail.com

في الخميس 03 يوليو-تموز 2014 08:41:52 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1447