معذرة يا فخامة الرئيس.. فهم أبناؤك
استاذ/عباس الديلمي
استاذ/عباس الديلمي
فخامة الرئيس، نعرف جيداً ما تواجهه من مشاكل وأحداث وهموم ومشاغل، وأن مالا نعرفه من تلك المشاكل قد يفوق ما نحن على معرفة أو إلمام به ـ خاصة ما يتعلّق بالجانب الأمني والاقتصادي ـ وكل مواطن في اليمن ليس ببعيد عمّا يحدث ويُستجد، ونحن ـ يا فخامة الرئيس ـ ندرك تماماً معنى البيت الشعري القائل: 
“وأنكد الناس في الدنيا وأتعسهم 
         من يمتطي الليث، أو من يحكم اليمن” 
وإذا ما كان هذا البيت ـ الحكمة ـ قد قاله الشاعر محمد أحمد منصور في ستينيات القرن الماضي، حيث كان اليمن لا تكدّر صفو حياة أبنائه ومن يحكمه تعصّبات حزبية ومذهبية ولا مراكز قوى ولا مليشيات ولا نزعات تكبُّرية وانتقامية ولا أمراء مصالح نفعية ولا تقطُّعات وتفجيرات... إلخ، فما بالنا بحال من يحكم اليمن اليوم، حيث مما لا شك فيه أن همومه ومتاعبه ومشاكله أضحت أضعافاً مضاعفة ـ وبصورة مكعبة ـ على ما كان حال من يحكمه في ستينيات القرن الماضي، أو عندما قال الشاعر البيت المشار إليه. 
نعرف ذلك يا فخامة الرئيس؛ ولهذا نطلب منك العذر إن لجأنا إليك مثقلين بمشكلة أو هموم ينبغي أن لها أجهزتها وجهاتها المختصّة المعنية بها أو بحلّها ومعالجتها وفقاً لما يقضي به منطق الدولة وأمانة وشرف المهنة الملقاة على كاهل العاملين في تلك الأجهزة ومن قبلوا بحمل مسؤولياتها. 
نعرف كل ذلك يا فخامة الرئيس، ولكني ألجأ إليك حاملاً أحزان وأوجاع وهموم أسرتي وأسرتين من محافظة تعز، بعد أحساسنا أن مشكلتنا ومأساتنا لا تهمّ من أوكلت إليهم شؤون مواطنيك ورعايتهم؛ وكأنها لا تهمّ إلا من يكتوي بها. 
المأساة باختصار هي أن الإخوة الدكاترة خليل المخلافي ومناف الديلمي وعبده مدهش، المدرّسين في جامعة البيضاء ـ كليّة رداع ـ انقطعت أخبارهم منذ يوم الثلاثاء 6/10/ 2014م، وهم في طريقهم لأداء واجبهم في كليّة رداع؛ وحتى اليوم لا نعرف لهم مكاناً ولا ما حلّ بهم، ولا بأي ذنب خُطفوا أو احتجزوا يا فخامة الرئيس، ما يحزُّ في النفس ويؤلمنا أكثر من واقعة الاختطاف هو أن الجهات المعنية لم تحرّك ساكناً، فجامعة البيضاء ـ عبر رئيسها ـ لم تعبّر عن استنكارها لما حدث لثلاثة من مدرّسيها حتى بوقفة احتجاجية، وكل ما في الأمر هو أنها تعدنا بابتعاث من يتلمّس حالهم لدى الخاطفين “المجهولين حتى اليوم” ولم تظهر علينا الجامعة المذكورة إلا برد لرئيسها عبر صحيفة “الأولى” العدد 1048 بتاريخ الاثنين 6/23 /2014م ينفي فيه ما ورد في الصحيفة نفسها قبل يوم واحد، أي في العدد 1047، حيث أوردت الصحيفة خبراً عن الحادثة تضمّن تصريحاً لمسؤول أكاديمي وتعليقاً للدكتور شاكر الزريقي، رئيس نقابة هيئة التدريس في الجامعة، فأحسسنا أن في الأمر مماحكة داخل جامعة البيضاء، وأن هناك ما يستدعي تدخُّل الأجهزة الأمنية بدلاً من الاختلاف بين أمن ذمار وأمن البيضاء حول موقع ومكان الاختطاف؛ هل يتبع محافظة ذمار أم البيضاء، علماً أن هناك من أخبرنا أن العملية تمّت في قاع الديلمي «قاع فيد». 
المحافظ يبدو أنه مشغول بما هو أهم، وبالدفاع عن المجمعين الحكوميين في رداع والبيضاء، أما وزارة التعليم العالي فكأن الأمر لا يعنيها ولا يختلف عن سقوط ثلاث دجاجات من على ناقلة تقوم بتزويد السوق بدجاج المزارع المسمّنة، ولم تجد من يقنعها أن المخفيين هم ثلاثة من أساتذة الجامعة، من تقتضي وتحتّم أمانة المسؤولية وشرفها أن يتفرّغ المعنيون في الوزارة ولو لبعض الوقت لمتابعة نكبتهم. 
نأتي يا فخامة الرئيس إلى ذلكم الجهاز الأمني الذي نعتقد ـ كما يُوهمنا ـ أنه يسمع دبيب النملة وأين تبيت، وأنه يعرف عنّا كل شيء، ويُفهمنا حتى وإن تحدّثنا بلغة العيون، وهذا ما يذكّرني بشاعري المفضّل الحسن بن هاني «أبو نواس» عندما قال إنه يفهم حبيبه حتى وإن أشار هذا الحبيب بإشارة خفيّة بطرفة عينه لأنه ـ أي أبونواس ـ سيحوّل عينه إلى إذن يسمع بها ويفهم ما بقصد الحبيب، لقد قال: 
وإن جعل الطرف الخفي حديثه 
               جعلت له عيني لتفهمه أذناً 
ذلكم الجهاز يا فخامة الرئيس يبدو أنه لا يرى أهمية تُذكر للحدث، أو أنه لا يعلم عنه شيئاً حتى بعد نشر الخبر والرد المشار إليهما، ونحن من كنّا على ثقة أنه سيحلّلهما لعلّه يجد «خيطاً» كما يُقال في لغتهم. 
نكتفي بهذا لنقول، هل عذرتنا يا فخامة الرئيس وعرفت لماذا لجأنا إليك رغم مشاغلك وهمومك الكبيرة..؟!. 
 لجأنا إليك لأنهم أبناؤك، ولأننا نحسُّ بآلام آبائهم وأمهاتهم وأبنائهم وزوجاتهم، ولأنهم ليسوا ممن ينتمون إلى من سيقيمون قطاعاً قبلياً، أو ضرب خط كهربائي أو يفجّرون أنبوب نفط أو يقرعون طبول الثأرات؛ بل هم ممن ينتمون إلى من يبعثون أبناءهم إلى التعليم ليخدموا الآخرين وينادوا بدولة تقوم على نظامها وقوانينها. 
 ومعذرة يا فخامة الرئيس، فنحن أصحاب حاجة، وصاحب الحاجة أعمى لا يرى إلا حاجته، كما قال المثل العربي. 


في الإثنين 07 يوليو-تموز 2014 02:41:11 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1475