|
ما حدث ويحدث في محافظة عمران يعيد الذاكرة إلى ما قبل حصار صنعاء عام 1967م حيث أحكمت القوى المعادية لثورة سبتمبر طوقها على مداخل العاصمة الرئيسية وجبالها المحيطة في محاولة يئسة لإسقاط الثورة وإعادة النظام الكهنوتي إلى الواجهة.. ولعل الأقرب إلى المنطق، أن ما يحدث اليوم من تداعيات عسكرية وأمنية خطيرة على تماسك المجتمع اليمني ونظامه السياسـي الشرعي يمثل تحدياً حقيقياً على اللحمة الوطنية والاستقرار..
لقد قاد الشعـب اليمني في مطلع ستينيات القرن المنصرم ثورة جذرية بكل ما تحمله الكلمة من دلالات.. وها هي تجربة التحول السياسي في إعادة بناء الدولة على أسس حديثة ومتطورة تتعرض اليوم لمخاطر تقويضها من الأساس وإعـادة البـلد إلى مربعات الفرقة والتنافر والشتات وهو ما يدعو الى تضافر الجهود ووحـدة الاصطفاف الداخلي.
ومع الأسف الشديد، فإن القوى المتناحرة راهن على الساحة الوطنية تحظى بنفس الدعم والتأييد من بعض القوى الإقليمية حالياً كما كانت الحالة في الماضي ..بمعنى آخر أن تلك القوى الخارجية لا تزال تمعن التدخل في شؤون اليمن راهناً، إذ تعمل على تغذية النزاعات المذهبية والطائفية والشطرية ومد عناصرها بالمال والسلاح ولعل ما يؤكد هذه القراءة ما يدور في المنطقة من فرز على أسس مذهبية وطائفية وتحديداً في سوريا والعراق.
ولا شـك بأن الأحداث الدموية التي تعيشها بعض مناطق الوطن اليمني هي نتاج هذا الصراع الدائر في المنطقة العربية وتدخل الأطراف الإقليمية لتغذية تلك النزاعات المسلحة.. وأشير هنا –تحديدا- إلى أن الحراك الدائر داخل الوطن إنما يعبر عن تبلور قوى جديدة في المجتمع تريد فرض منطقها بقوة السلاح وهو ما لا يستقيم مع المنطق والعقل وحالة التوافق الوطني الشامل في هذه المرحلة الحساسة من التاريخ اليمن، الأمر الذي يتطلب استشعاراً مسـؤولا من كافة القوى المنتاحرة وتغليب مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح ضيقة.
ومـن المفـارقـات المـؤسفة والمحزنة في آن واحد أن تجري الأحداث المؤسفة في عمران مؤخراً مع الاعتداءات الصهيونية المتواصلة لكسر عظم أبناء غزة، حيث أن هذه المفارقة المؤسفة تشير إلى أن عدد القتلى في عمران وصل إلى أكثر من 200قتيل ونحو 1000جريح وآلاف المشردين خلال يومين وهو رقم أكبر بكثير مما حصدته آلة القمع الاسرائيلي الاسبوع الماضي وهي ترتكب جريمة العدوان ضد أبناء غزة .. والمفارقة تطول!
الأمل أن يغلب اليمنيون العقل والمنطق في تسوية خلافاتهم قبل أن تحل الكارثة.
في الأحد 13 يوليو-تموز 2014 09:21:52 م