|
أطلق الرئيس عبدربه منصور هادي خلال جولته التفقُّدية أمس إلى محافظة عمران إشارات واضحة لمختلف الأطراف والمجموعات المسلّحة المتورّطة في تلك الأزمة والاحتراب الذي دار مؤخراً في المحافظة لأن تستكمل انسحابها الكامل والسريع، فضلاً عن تدشين الأخ رئيس الجمهورية مشاريع إعادة الإعمار والتأكيد على أهمية تضافر الجهود الوطنية في استلهام دروس الماضي السلبية وعدم إعادة إنتاج الصراعات الدموية التي لا تخلّف إلا الهدم وإثارة الضغائن والأحقاد.
وفي هذا السياق فلقد تركت جولة الرئيس هادي الميدانية إلى عمران انطباعاً إيجابياً لدى العامة من أبناء الشعب وأبناء المحافظة خاصة بإمكانية الإسراع في تطبيع الأوضاع وبدء ورشة الإعمار بمبلغ خمسة مليارات ريال، بل حملت جولة الرئيس هادي معها الدعوة لعودة المهجّرين الذين نزحوا عن ديارهم جرّاء تلك الحرب المؤسفة التي لا منتصر فيها أو مهزوم.
ولا شك أن من أهم ملامح تلك الجولة الرئاسية أن أكدت تجديد الدعوة الصادقة لتجاوز الجروح والاختلاف وتعزيز وحدة الاصطفاف الوطني في وجه كل التحدّيات، فضلاً عن التركيز على أهمية تناسي خلافات الماضي بكل عُقده ومرارته، والتطلُّع إلى المستقبل بروح جديدة من المصالحة والتوافق؛ وذلك اعتماداً على حالة التوافق والجهود المنصبّة حالياً على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي من شأنها التأسيس لمرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة الحديثة على أسس من الحداثة والتطوّر والشراكة الوطنية غير المنقوصة لكل أبناء الوطن.
وبالمناسبة فإنه لا يمكن إغفال التأكيد أن أية محاولة لفرض الأفكار والقناعات بقوة السلاح أو تغليب سياسية الأمر الواقع ستبوء بالفشل الذريع؛ لأنها لن تكون حلّاً للمشكلة – أياً كانت – أو معالجة صائبة لبواعثها وإنماء ستؤدّي مثل هذه الرؤية المغلوطة بالنتيجة – دون شك – إلى استفحال تلك الأزمات وتوسيع قاعدة التباين فضلاً عن تشتيت الجهود الوطنية وتدمير الإمكانات البشرية والمادية.
وبطبيعة الحال فإن الأمر يتطلّب من مختلف القوى والمكوّنات على الساحة رفض كل خيارات الاتكاء على أساليب القوة لفرض قناعاتها والاعتماد كلياً على لغة الحوار والتواصل والمصالحة مهما كانت حدّة التباينات؛ باعتبار أن القوة لا تصنع النصر أو تشيع الطمأنينة داخل المجتمع، وأن هذا المنهاج هو المخرج الآمن لمشاكل الوطن؛ خاصة أن الجميع في الداخل والخارج يتلمّس استكمال إعادة بناء صرح نهضته وتطوّره.
والمطلوب في الأول والأخير أن ترتفع تلك الأطراف - والمسلّحة منها على وجه التحديد – إلى مستوى المرحلة وتمثُّل الخطاب الرئاسي الذي بيّن أبعاد ومخاطر الارتهان إلى منطق القوة لحسم تلك الاختلافات بين مكوّنات المجتمع، وتأكيده أن الأنسب لبناء المستقبل يكمن في تعزيز اللحُمة الوطنية ورفض التعصُّب المقيت، فضلاً عن أهمية تعميق لغة الحوار وتعزيز القواسم المشتركة وعدم القطيعة والانعزال.. خواتم مباركة.
في الخميس 24 يوليو-تموز 2014 02:56:04 ص