الهرمجدونيون
دكتور/د.عمر عبد العزيز
دكتور/د.عمر عبد العزيز

كثيرة هي الأسئلة المرتبطة بالتاريخ والعقائد، وتتنوع الإجابات بقدر تنوُّع هذه الأسئلة، بل إن التنوع يطال كل دين وعقيدة على حدة، وعند النظر المتأمِّل لهذه البانوراما الأُفقية الواسعة من الإجابات المقرونة بالاجتهادات العقلية والدنيوية، سنكتشف أنها بجُملتها تتباعد قليلاً أو كثيراً عن الجوهر الناصع للديانات والعقائد .. تلك التي جاءت لخير البشرية، وتاقت لتحرير الإنسان من رزاياه الشيطانية، ونزعاته الحيوانية.. ولكن، هيهات للصفاء أن يسود، وهيهات للمعاني الكبيرة من الانطلاق دونما كوابح وحواجز، وفي قصص الأنبياء الكثير الكثير من العبر والعظات، فقد واجهوا جميعاً عنتاً وتعسفاً من أقوامهم، فإبراهيم الخليل عليه السلام واجه محاولة لحرقه بالنار، لولا لطف الباري عز وجل، حيث تحولت من نار حارقة إلى برد وسلام عليه.. وموسى الكليم واجه تعنتاً من قومه الذين تمردوا على النواميس الكونية، مُطالبين برؤية رب موسى جهرة !!، كما ورد في القرآن الكريم ، ثم عبدوا تمثالاً من عِجل.. وعيسى عليه السلام واجه من العنت والتعسف فيما فاضت به كتب السير والأحداث، وهذا ما كان من أمر خاتم الأنبياء والمرسلين محمد « صلى الله عليه وسلم» ، فقد واجه من قريشٍ الكثير من الأذى والعنت والتعسف، حتى نصر الله الإسلام في موقعة بدر الكبرى، فكان جواب الرسول الكريم على قومه : من دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، وهذا ما كان من أمر الرسل والأنبياء والمصلحين على مدار الزمان. 
كامل الاجتهادات التي حاولت تقديم مرئياتها باسم الأديان جافت بهذا القدر أو ذاك الجوهر النبيل لتلك الأديان. حدث ذلك في ديانات الشرق الكبرى، كما في الأديان السماوية الثلاثة المعروفة، والشاهد أن الصراعات التاريخية التي كانت بين الأديان من جهة، وحتى داخل الدين الواحد، إنما كانت صراعات دنيوية تدثَّرت بالدين، بل وتغوَّلت في تطرفها الديني، وقد تجلَّت هذه الحقيقة المُفْزعة في الصراعات الدينية الدنيوية التاريخية بين اليهودية والمسيحية من جهة، كما بين الفرق المسيحية الدينية من جهة أخرى، مما لسنا بصدد تفصيله هنا. 
هذا لا يفسر لنا ما كان في الماضي البعيد، بل الماضي القريب، وحتى يومنا هذا .. والشاهد ما نراه اليوم في العراق وسوريا، كما رأينا قبل ذلك في أفغانستان والصومال، وكما نسمع به من الهرمجدونيين الذاهبين إلى حرب كونية تأتي بوصفها ترجمة لإرادة الخالق !!. 

Omaraziz105@gmail.com 


في الجمعة 15 أغسطس-آب 2014 02:09:06 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1653