|
جميعنا أو أغلبنا يتفق على أن الحكومة قدّمت أداء متواضعاً على مدى ما يقرب من ثلاثة أعوام من تشكيلها, وإذا كانت هناك قلّة قليلة تعتقد أن لهذه الحكومة منافع, فإن ما تجزم به الأكثرية هو أن ضرّها أكبر من نفعها, لا خلاف على ذلك ولا خلاف على أننا جميعاً مستاءون ومتضرّرون من قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية وما تبعه من انعكاس لارتفاعات سعرية على كافة السلع والخدمات.
ونحن بالطبع نشدّ على أيدي كل من يسعى إلى الضغط على الحكومة بطرق سلمية وحضارية ووطنية بما يدفع تعسفاً أو يرفع عن الناس جوراً أو يزيح عن كاهلهم أعباء معيشية إضافية جرّاء تحرير الأسعار وجرّاء كل فساد ونهب وإهدار للمال العام.
وأن تضطلع جماعة الحوثي بدور معارض افتقده الناس بسبب أن المعارضة السابقة والحاكم السابق جميعهم أصبحوا شركاء في سلطة توافقية أقرّتها المبادرة الخليجية؛ فذلك شيء لا يمكن لأحد استكثاره على الجماعة طالما كانت الوسائل سلمية والغايات وطنية.
لكن حين يتجاوز الأمر مجرد تسيير مظاهرات سلمية في شوارع صنعاء وساحاتها, ويبلغ التوتر مداه بتسوير العاصمة بحشود مسلّحة زاحفة ومتربّصة على كافة المنافذ والمداخل, تصبح مخاوف الناس طبيعية ويصبح قلق الوطنيين مشروعاً.
وعندما نتذكّر أن اليوم الجمعة هو اليوم الأخير من المهلة التي كان أعلن عنها الحوثيون قبل استخدام وسائل أخرى غير التظاهرات السلمية؛ لا يسعنا إلا أن نقول: ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أقرب ذاكرتنا إلى استعادة أحداث حصار صنعاء أو ما عُرف بـ«حصار السبعين يوماً» بين 28 نوفمبر 1967 وحتى 7 فبراير 1968م.
ومن بين ثنايا النقاشات المستفيضة بتطوّرات هذا الأمر هناك من يحاول إقناعنا أن الزحف الحوثي نحو العاصمة حتى ولو كان مسلّحاً فهو بمثابة ظاهرة صحية ومن شأنها كسر شوكة القوى التقليدية المتمثّلة على حد وصفهم بـ «التحالف القبلي الديني العسكري» الذي وقف حائلاً دون إنجاز مشروع الدولة المدنية المؤسسية والذي قامت من أجله الثورة اليمنية الأم قبل أكثر من نصف قرن, مع أن لدي شكاً كبيراً في صوابية الاستجارة من نار قوى تقليدية أفرزتها متغيّرات نصف قرن بـ«رمضاء» قوة أكثر تقليدية وأكثر رجعية وأكثر تلهّفاً لاستعادة حقبة عمرها أكثر من ألف قرن من الهيمنة الثيوقراطية والتجهيل والتجويع والتركيع.
alhayagim@gmail.com
في الجمعة 22 أغسطس-آب 2014 09:47:50 ص