سفينة الوطن
كاتب/عبدالواحد أحمد صالح
كاتب/عبدالواحد أحمد صالح
الجروح المندملة والنازفة التي ألحقت تشوّهات وعاهات باليمنيين وباليمن صارت غائرة وآلامها موجعة وثبت وبما لا يدع أي مجال للشك أن أضرارهما أضحت وباتت أشبه بكارثية.. وينبري من واقعها تساؤلات جمّة لعل من أبرزها وأهمها: أين حكماء اليمن.. وأين مرجعياتها.. وأين عقلاؤها.. أين معاشر العلماء.. وأين الدعاة والمرشدون والوعّاظ والموجهون؟.. أين أصحاب وأرباب الحل والعقد.. لماذا يهرب كل منّا من مسئولياته؟ 
هذه الأسئلة وغيرها صارت ملازمة لكل همومنا.. وإلى ذلك لماذا يُغتال الوطن وأبناؤه بهذه الطريقة الفجة وبالصورة الحزينة؟.. إذ لم يعد يمر علينا يوم واحد دون ان تتوالى على مسامعنا وفي واقعنا حوادث وفواجع مؤلمة. 
اغتيال هذا الضابط أو ذاك الجندي أو ذلك المسئول أو تلكم المواطن أضحت هواجس حياتية يومية موحشة.. ولم تستثن فئة دون أخرى.. وما يُخشى منه هو أن تتوسع دائرة الاغتيالات لتحدث الفاجعة في أوساط كافة شرائح المجتمع. 
اغتيالات الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمواطن وللوطن من الأمور والفواجع التي تستهدف الوطن وأبناءه.. ولابد هنا من أن نفيق جميعاً مما آل إليه واقعنا.. فما يُطلق عليه اسم القاعدة صار كابوساً ووسيلة لجر الوطن وأبنائه إلى المجهول الذي وقعت فيه بعض الدول الشقيقة.. وكوارث ما يسمّى بداعش والنصرة وغيرها من الجماعات التي تتقمص الدين لتُلحق بالدول والشعوب الدمار والخراب للأوطان.. وقد بلورت مخططات أعداء الأمتين العربية والإسلامية ولا أظن أن بعض الأفكار العربية الأخرى بمأمن منها. 
اليمنيون حكماء.. اليمنيون عقلاء.. اليمنيون .. واليمنيون.. إلخ. 
لماذا فقدوا حكمتهم وعقولهم.. لماذا فقد البعض منا بصيرته.. وصرنا لا نمتلك حتى القدرة في تدارك واقع الحال وما يؤول إليه؟.. اليمنيون اليوم غافلون عن واجباتهم الوطنية ومسئولياتهم الحياتية.. فإلى متى سيضلّون سبيل الحكمة وأنا مالي. 
إن السفينة التي نبحر عليها جميعاً تتقاذفها موجات الخطر الداهم.. ومن يظن أنه ناجٍ من مآلها فهو واهم.. فالغرق لن يستثني أحداً طالما وأنها سفينة وطن.. وغرقها يعني غرق الوطن.. ومن لا وطن له.. فلا حياة له.. فما أوردناه سلفاً ليس تشاؤماً أو توقعاً خيالياً كما يعتقد البعض.. ولكن مسارات الواقع وما يعتمل فيه من أحداث وحقائق مؤلمة تؤكد ذلك.. الإرهابيون يصولون ويجولون ليُلحقوا المزيد من الضرر بأمن واستقرار الوطن ووجههم الآخر ينفذ الاغتيالات ويمارس أساليب إجرامية بشعة بحق المجتمع.. فإلى متى سيكون خنوعنا وسكوتنا والتهرّب كلٌّ من مسئولياته... إن التعاطي مع شدائد الواقع بمسئولية وبحس وطني وإنساني وحتى أخلاقي يستوجب تداعي كل يمني كان رجل أم امرأة إلى إخراج الوطن من حبال الفتنة.. وليكن مبدأ السمو فوق الجراحات ونبذ الأحقاد ودرء الفتن عن الوطن وتغليب مصلحته ولو كلّف ذلك تمثّل سلوك ثقافة الإخاء والتسامح وطي صفحات الماضي بجراحاتها الغائرة التي ألحقت الضرر بالوطن وأبنائه.. باعتباره المدخل لتجسيد الوحدة الوطنية في مواجهة المخاطر المحيطة والماثلة في واقعنا. 
إن قراءة مسئولة لإفرازات الحقد والكراهية وحب الانتقام والثأرات وتجارة الأزمات لكفيلة في حال صدقنا مع الله والوطن والأمة أن تدفعنا إلى وقف استمرار نزيف دمائنا وتدمير خيرات وطننا.. وليكن إيماننا بانتصارنا ضد الإرهاب وأعداء الوطن وتجار الأزمات والفاسدين والمفسدين قوياً كإيماننا بأننا مؤمنون بالله أولاً وبحب اليمن ثانياً.. وبمستقبل اليمن الجديد، يمن الديمقراطية والحرية والوحدة والعدل والسلام والإخاء. 
هل آن لنا كيمنيين أن نصدق في حياتنا ولو مرة واحدة لنستنهض واجباتنا الوطنية الحياتية؟.. لنجنّب الوطن شرور ومآلات الواقع ونعيد لسفينة نجاتنا توازناتها حتى تتجاوز أمواج البحر المتلاطمة علّنا بذلك نقودها بحكمة وحنكة القبطان الماهر نحو شاطئ النجاة. لنبدأ من خلاله مشوار بناء اليمن الجديد. 
إن الشكوى لغير الله مذلّة.. فاللهم إن واقعنا صار مؤلماً.. وحاجتنا لهدايتك وإرشادنا سبيل الخروج منه صارت أكثر من ملحّة.. فنسألك يا رب الهداية والسداد والتوفيق لتجاوزه والخروج منه بأقل الخسائر.. فالصبر نفد والكيل طفح والفاجعة فينا استفحل استئصال شأفتها فإليك نشكو وعليك نتكل فليس لنا من نشكوه همومنا غيرك. 
اللهم بلّغت اللهم فاشهد.


في السبت 23 أغسطس-آب 2014 10:22:51 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1699