هائمٌ بالوصايا .. قائمُ في المعاني
دكتور/د.عمر عبد العزيز
دكتور/د.عمر عبد العزيز
«2/2» 

نستكمل ما بدأناه في عدد الأمس حول الديوان الشعري الأول لللمثقف الشامل الأستاذ علي العبدان عتبات الديوان تشي بالمعاني الحاملة للنصوص، فكل عنوان من عناوين القصائد يعيدنا إلى ذلك المعنى الذي يتجاوز النص في مدلوله، وينفسح على الغائب الحاضر في مقاصد الكلام .. ينطبق هذا الأمر على كامل العناوين التي نختار منها مثالاً لا حصراً ما يلي: غمام سرى ـ قدرٌ حثيث الدفترـ الجاثوم ـ هائم بالوصايا ـ أيادي الهوى ـ حيرة ـ دلال من السماء ـ عين تعددت ـ غروب آخر ـ نِصاب الوجود ـ حي بين التماثيل ـ مواقيت عربية ـ طير يغرد سراً ـ طيف من الحور ـ جارة جائرة. 
تعمَّدتُ استدعاء هذه العناوين للإشارة إلى تلك الأبعاد المفاهيمية الشاملة التي انطوت عليها عناوين القصائد التي تبدو قصيرة بعين الرائي القارئ، ولكنها متعددة الأبعاد بقدر عناوينها ومتونها المُترجمة لنزعتها المفاهيمية الشمولية، فيما يذكرنا بلزوميات المعرّي التي تقدمت على خُطى الإقلال في الكلام، والتحشيد في المعاني والمجاوزات، وهو أمر يتصل بالشعر التذاهني الصادر عن حيرة فلسفية وجودية تطال الرائين المستنفدين بأحوال الدهر وتقلباته. 
يقول الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر: 
 من تعب من الفكر وقف حيث تعب، فمنهم من وقف في التعطيل، ومنهم من وقف في القول بالعلل، ومنهم من وقف في التشبيه، ومنهم من وقف في الحيرة، فقال لا أدري، ومنهم من عثر على وجه الدليل فوقف عنده، فكل إنسان وقف حيث تعب، ورجع إلى مصالح دنياه وراحة نفسه وموافقة طبعه، فإن استراح من ذلك التعب، واستعمل النظر في الموضع الذي وقف فيه، مشى حيث ينتهي به فكره إلى أن يتعب، فيقف أيضاً أو يموت. 
لعلني بهذا الاختصار أجْملت قراءتي الانطباعية لنصوص الشاعر، انطلاقاً من العناوين «العتبات»، التي بدت لي تُرجماناً ناجزاً لما أراد أن يقوله، غير أن هذا يتصل أيضاً بذلك الحضور الضمني للهوى الموسيقي الغنائي في نصوصه ذات الصلة بالتفعيلات الناعمة، حتى أن الروي السائد في تلك النصوص تنتمي حصراً لما تمَّ تسميته بالحروف النورانية، التي تقدم بذاتها وفي ذاتها، المعاني المخصوصة، والموسيقى الظاهرة . 
القسم الثاني من الديوان يجترح مأثرة طيبة في التدوين الشعري العربي، من خلال التناص الحواري بين شعراء الوسائط الرقمية المتعددة، وفي هذا التدوين لطيفة من لطائف البيان والجمال معاً، حتى أن بعض النصوص التي تتم ضمن سياق الماراتون الإبداعي التناظري بين الطرفين، تكتسي قيمة جمالية وشعرية متميزة، كما نرى في هذا التدوين الرائع في الجزء الثاني من الكتاب . 
أكتفي بهذا القدر من التداعي الحُر في عوالم العبدان النصية المُشعْرنة، وأترك الباب مفتوحاً لواسع نظر القارئ اللبيب. 

Omaraziz105@gmail.com 


في الجمعة 29 أغسطس-آب 2014 07:38:12 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1723