|
في مجال انتشار الدين الإسلامي التاريخي بآسيا الكبرى، قدَّم المهاجرون والتُجَّار اليمانيون نموذجاً ساطعاً لحُسن الخُلق والأمانة والتسامح والتعايش مع تلك الشعوب، الأمر الذي جعل كبار السلاطين والملوك في أندونيسيا، وماليزيا، والهند، والصين، والفيلبين، يلتحقون بالإسلام طواعية.
وفي شرق أفريقيا وعمقها كانت الطرق الصوفية القادمة من اليمن والمغرب الأقصى النموذج الأميز للإسلام الأفريكاني المتواشج مع الشافعية والمالكية الوسطيتين.
وعلى ذات المنوال كانت اليمن في أيام الفتن والهرج والمرج حاضنةً لفرق الكلام الإسلامي بتنوّعها واجتهاداتها، وكانت تلك الفرق الهاربة من جور مراكز الخلافة تجد الملاذ والملجأ في اليمن.
هذه التطوافة العابرة على مدار التاريخ التصالحي في اليمن تؤشّر إلى تلك المقدّمة السيكولوجية المهمّة التي جعلت فرقاء النظامين الملكي والجمهوري لشمال اليمن في ستينيات القرن المنصرم يلتحقون بمشروع الدولة الجديدة الجمهورية، ويسهمون فيها من مواقع الفعل والمشاركة، كما يفسر لنا كيف كانت حروب الشمال والجنوب لدولتي الشمال والجنوب السابقتين تنتهي دوماً بالتوافق والتكامل، حتى إن الوحدة اليمنية التي جاءت في لحظة فارقة من عام 1990 بدت تتويجاً طبيعياً لتاريخ من الصراع والحوار بين الشمال والجنوب.
وخلال الفترة التي تلت حرب 1994م الظالمة؛ لم يفكر أحد في اللجوء إلى ثقافة الاجتثات والتخلُّص الدموي من الخصوم السياسيين، بل مال ورثة الميكيافيلِّلية الإمامية التاريخية إلى «تذويب» المُختلفين معهم سياسياً من خلال إرسالهم إلى بيوتهم، والحسنة إليهم برواتب متواضعة تتناهشها ديناصورات الفساد والإفساد المنظم، مما كانت له آثار سلبية وخيمة على الدولة والعملية السياسية برمّتها، مما لسنا بصدد تفصيله هنا.
Omaraziz105@gmail.com
في الإثنين 15 سبتمبر-أيلول 2014 08:27:05 ص