أحوال الموت كمداً ..!!
كاتب/عبدالله الصعفاني
كاتب/عبدالله الصعفاني

  رحم الله الكاتب الصحفي المصري جلال عامر .. لقد شارك جلال عامر في حروب مصرية كثيرة ولم يصب بأذى .. غير أنه أصيب في ندوة صحفية ساخنة ، ومات عقب تظاهرة حضرت فيها قواعد الاشتباك فصرخ داخل المظاهرة قائلاً : كارثة .. المصريون يُقتّلون في بعض..!!يكتبها : عبدالله الصعفاني -

رحم الله الكاتب الصحفي المصري جلال عامر .. لقد شارك جلال عامر في حروب مصرية كثيرة ولم يصب بأذى .. غير أنه أصيب في ندوة صحفية ساخنة ، ومات عقب تظاهرة حضرت فيها قواعد الاشتباك فصرخ داخل المظاهرة قائلاً : كارثة .. المصريون يُقتّلون في بعض..!!

وليس في خروج جلال عامر من حروب فعلية سالماً وإصابته في ندوة ثم رحيله إلى الدار الآخرة عقب مظاهرة رفعت شعار السلمية إلا مثل على ما أصاب الشارع العربي بأكمله من عدوى ربيعية جماعية بدأ التراشق فيها بالكلام والأقوال ثم جاء بعد ذلك ما جاء من الصدام بالأفعال.

وها نحن نرى شوارع اليمن محتقنة باعتصامات ومظاهرات كلها اصطفاف وإن اختلف المعنى والمبنى .. لكنه اصطفاف منزوع الدسم متخم بالشعارات السلمية والتحشيد المتبادل الذي إذا لم ينته بالدم فإنه يفضي إلى إيغار الصدور واستدعاء محفوظات الخصام القادمة من أيام داحس والغبراء.

كان يمكن أخذ ما يجري في شوارع اليمن في سياق الحرية وحق التعبير لولا ما يرافق ذلك من تحشيد لمواجهات دامية على النحو الذي تشهده محافظة الجوف، فضلاً عن الدماء التي تنزف بسبب غياب الاحترافية والفهم المطلوب عند المظاهرة وحتى عند من يتصدى لها على طريقته وخارج المتعارف عليه في مظاهرات الدنيا كلها ، بدليل أننا شاهدنا حماية رئاسة الوزراء نفسها تطلق النار بانفعال يستدعي سؤال البحث عن العصي الكهربائية ومسيلات الدموع وخراطيم المياه وما إليها من وسائل الدفاع.

لقد أخرجت الساحة اليمنية خلال أربعة أعوام كل ما فيها من الأبيض والأسود .. الصح والغلط .. المتمترس خلف الخطأ والمنقلب على شركائه والساعي إلى إعادة إنتاج نفسه فيما الباحثون عن بلد ناهض يهتفون في الفراغ الأجدب ويؤذنون في مالطا.

وبين الفساد الحكومي والشعارات الزاعقة يضيع وطن، وتتهاوى أحلام شعب طالما دعا الجميع لأن يمدوا أيديهم إلى الجميع كبديل عن هذا النزيف المادي والأخلاقي الذي نرى تبعاته الدموية وظلاله الكئيبة في أكثر من منطقة يمنية.

المثير للحنق أن من يغامرون بمستقبل البلدان تحت شعارات ثورية على النحو الذي قدمته لنا أيام الفوضى الخلاقة وما تلاها من التوحش.. هؤلاء في العادة هم الذين يعيشون حياة الرفاهية وليس من يضحون بدمائهم وأرزاق أطفالهم وتأملوا على الدوام في أسماء وصور الضحايا .

هل نقول بأنه يجب تحرير مراكز الدولة من الفساد وتحرير الأماكن العامة من مواجهات الأيديولوجيا وإدارة مصالح الشعب اليمني بعيداً عن الانتهازية السياسية وصراع المصالح الشخصية أم أنه لا عاصم من الانغماس في هذه الصور المتغولة والبذخ غير الشريف القافز باليمن نحو المجهول؟

ومع الدعاء بالرحمة لمن مات في مواجهات الصراع العدمي في الميدان وكذلك من مات حسرة وكمداً في ندوة أو تظاهرة سلمية أو سلمية مسلحة لا مناص من القول .. أيها الممسكون بالمقاليد الحزبية والجهوية الأهلية والحكومية ..إن الدين والنفوس والأموال والأعراض أمانة في أعناقكم فاحذروا فتنة تتربص بالبلاد من خلف الأدوار .. وخلف الأسوار.

ودائماً .. حفظ الله اليمن .


في الإثنين 15 سبتمبر-أيلول 2014 08:29:57 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1796