|
عطفاً على إصدارات الشارقة «عاصمة الثقافة الإسلامية» نتوقَّف مع كتاب الأستاذ محمد الأمين محمد المختار، بعنوان «الإضمار البلاغي في القراءات القرآنية» والذي يمثّل إضافةً نوعيّةً متفرّدةً في سلسلة إصدارات «الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية» ذلك أن هذا البحث يتصل بنص إلهيٍّ لا يستنفد معناه ولا مبناه، ولا يمكن استسبار أغواره السحيقة خارج نطاق التداعي الجمالي الفني النابع من علوم اللسان والبيان، وهو ما نجده في هذه المقاربة الشيّقة والأصيلة.
فالمؤلّف يمدُّ مرئياته إلى القراءات السبع الأكثر شهرةً وتداولاً، وينطلق من البنية الجذرية اللغوية للكلمات؛ ناظراً إلى معنى ترجمة الصوت إلى كتابة، وكيف أن هذا الترجمان يستعصي على الكتابة المجرّدة، لتكون دالّته الكبرى المشافهة، بوصفها النبع الصافي لقراءات القرآن الكريم.
يستدعي المؤلّف سياقات البيان والبديع من خلال علوم النحو والصرف والبلاغة والمعاني ولطائف المعارف في الوقف والابتداء والحركة والسكون والمد والقصر وغيرها من أدوات تعبيرية تمنح الإضمار البلاغي للقراءات القرآنية قيمةً خاصة ومخصوصة.
التأصيل المعرفيُّ والذوقيُّ لموضوع الكتاب من شأنه أن يفتح أبواباً متجدّدة في علوم اللسان المقرونة بالقرآن، كما أنها ستكون مفيدةً في مسار الضبط المتواصل للكتابة القرآنية المُعطاة عبر محرّكات البحث.
ولعلنا سنشهد في يوم قريب، كتابةً قرآنيةً بدوالّ تشكيلية بصرية ترتقي إلى مستوى كونيّة لغة القرآن ومركزيتها المشهودة في العالم؛ ذلك أن اللغة العربية هي اللغة الوحيدة المتفرّدة بتعدّديتها الألفية في الجذور، وآفاقها الواسعة في الاشتقاقات وقدرتها الاستثنائية على تطويع الكلام لقواعدها الصوتية وقاموسها الواسع باتّساعها.
من كل هذه المنطلقات، واستتباعاً لها، نتابع مع المؤلِّف دراسته التطبيقية في القراءات السبع؛ بوصفها مدخلاً لمزيد من التأصيل المعرفي والاستشراف المستقبلي لوعود هذا العلم الرفيع.
Omaraziz105@gmail.com
في الجمعة 19 سبتمبر-أيلول 2014 02:33:14 م