في نقد الدور السياسي لحملة الأقلام وقيادة الرأي العام
كاتب/عبدالله الدهمشي
كاتب/عبدالله الدهمشي
تكشف لنا التجربة المعاصرة في الدور السياسي لأصحاب المعرفة وحملة الأقلام, عن الخلل القاتل في تصوّر هذا الدور وطريقة أدائه وبما أدّى إلى تكريس هيمنة السياسي وسيطرته على المعرفي ومهمّته التنويرية؛ ومن ثم صناعة الكوارث السياسية المستمرة. 
بداية يحسن بنا التأكيد على أن دور النُخب المعرفية منحصر في ترويج السياسات وتحشيد الرأي العام للقبول بها وتأييدها, لكن هذا الوضع لا يعني تبعية المعرفي للسياسي؛ بل الاستناد إلى المعرفي عند وضع السياسات, ثم توظيف المعرفي لتنفيذها؛ وبالتالي تتكامل الأدوات بين المعرفي والسياسي, ويخدم كل منهما الآخر في المجال المشترك وحدود التقاطع والافتراق. 
سادت سياسة إخضاع المعرفي للسياسي في بلادنا بأسلوب بالغ في امتهان المعرفي ومحاربة أهله, وتحويلهم مكرهين إلى خدم في بلاط الفساد وأبواق في خدمة الإفساد طمعاً في لقمة عيش لا غير, وهذا فرض على حملة الأقلام؛ إما مكابدة الحرمان والتجاهل أو الاستجابة تحت ضغوط الحياة ومتطلّباتها إلى الالتحاق بخدمة السياسي طمعاً في عطائه المبذول فقط للكذب والنفاق والابتذال. 
بعد الانتفاضة الشعبية في اليمن 2011م, استمرّت هذه السياسة في تركيع أهل المعرفة وتطويع حملة الأقلام من خلال استقطابات حادّة بين ما سمّي بـ«الثورة والنظام القديم» حيث بقي الإعلام في كل وسائله واتجاهاته بين الرسمي والحزبي والأهلي على ما كان عليه قبل العام 2011م, إذ تغلّب الانتماء على الموضوعية والمهنية, فساد خطاب الموقف بين ضد ومع, بعيداً عن وصف الواقع كما هو وعن تحليل المعطيات واستقراء الوقائع واستشراف المستقبل بمنهج علمي وعقلانية تنير الواقع وتكشف الوقائع دون تزييف ولا تضليل وبغير سفه ولا تطبيل. 
لقد كشفت التجربة الماضية أن أطنان الورق التي سوّدت بحبر المواقف ضد أو مع, أصبحت رماداً تجاوزه الواقع بما آل إليه من مصير جرف كل تعالٍ على المعرفة وامتهان لدورها وانحراف بعيداً عن التنوير وعن ترشيد القرار والفعل السياسيين. 
 وحتى حملة الأقلام الذين قبلوا بخدمة المموّل وإرضاء أهوائه ورغباته؛ لم يكسبوا من ذلك رصيداً أدبياً من كتاباتهم ولا رصيداً مالياً من عائدات هذه الكتابات خدمة للموّل وانحيازاً لرغباته المضادة للمعرفة والمهمّشة لدورها وأهلها. 
آن لكل سياسي أن يراجع مواقفه من المعرفة ودورها، وآن لكل منشغل بالمعرفة وحامل للقلم أن ينتصر للتنوير وأن يقاوم الاستتباع والارتزاق؛ منتصرين للمعرفة وقيمها السامية وأخلاقها الكريمة. 
albadeel.c@gmail.com 


في الخميس 25 سبتمبر-أيلول 2014 08:44:08 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1837