|
بالأمس مرت علينا الذكرى الخالدة لثورة 26 سبتمبر .. تلك اللحظة التاريخية الحاسمة التي فتحت الباب لأحلام ألفية نقية صافية، ولانتقال نحو مجتمع تنتفي فيه المراتبية الخسيسة، والتقسيم الاجتماعي الجائر للمواطنة، والإقامة الدائمة في مرابع التخلف . اليوم وبعد مرور عقود من ذلك الحلم الفاضل أزعم أن كثيراً من أهداف سبتمبر تحققت على الأرض، وبكيفية تتناسب مع قانون التاريخ وأزمنته المغايرة لتقديراتنا وآمالنا وأحلامنا ، لكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال انتهاء مخلفات الإمامة في بعض جوانب الحياة ، فما جرى في شمال اليمن على مدى عقود الجمهورية تماهى سلباً مع تقاليد الإمامة المتخلفة ، فالسجون الخاصة ظلت قائمة، والمواطنة القانونية المقرونة بالهوية خضعت بهذا القدر أو ذاك لثقافة الماضي الإمامي، والمنطق التيوقراطي في الحاكمية استمر رغماً عن الجمهورية وشعاراتها، وفي المحصلة تأكد بالدليل القاطع المانع أن مثالب جمهورية شمال اليمن السابق لا تختلف من حيث الجوهر عن مثالب الإمامة، وهنا لا بد من استثناء السنوات الثلاث التي تولى فيها الشهيد المغدور به إبراهيم الحمدي مقاليد الحكم ، لنشهد حالة مغايرة في الدولة اليمنية الناهضة بقوة دفع تركت شواهد مؤسسية شاخصة إلى يومنا هذا، ولولا التآمر الوضيع عليه، وعلى الشهيد سالم ربيع علي في جنوب الوطن لما آلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم من بؤس وهشاشة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى تجربة الجنوب التي كانت فيها الدولة ونواميسها وقوانينها ركنا ركينًا في معادلة التوق المستقبلي لليمن القادم، لكننا أجهضنا تلك التجربة المؤسسية الإنقاذية بحرب الوحدة والانفصال الجائرة ، مغادرين المعاني الكبيرة لشعارات سبتمبر.
لكن هذا لا يعني بحال من الأحوال أن اليمن لم تتغير، فالتاريخ لا يأتي بثماره بين عشية وضحاها ، ولا يخضع لقياساتنا الفيزيائية ، بل يمضي كالحلزون الدائر الزاحف .. يعيد إنتاج مفرداته بطريقة كوموتراجيدية ، فيما يمضي قدماً إلى الأمام، رغماً عن استيهامات الواهمين .
ثورة سبتمبر كانت وستبقى حية في وجودنا الاجتماعي قبل القلوب، ونحن اليوم بحاجة مطلقة إلى أن نكون سبتمبريين أكثر من أي وقت مضى. إن سبتمبر بحاجة إلى بعث طهراني يستعيد مجد الأحلام الكبيرة التي نستحقها بجدارة .
Omaraziz105@gmail.com
في الأحد 28 سبتمبر-أيلول 2014 09:51:52 ص