سُبْلة العيد
صحافي/احمد غراب
صحافي/احمد غراب

لولا عدم كفاية الفلوس لكان لهذا العيد بالذات سبلة أطول من الطريق التي تفصل بين المدن والأرياف.
الهواء هنا في الريف منعش والخضرة تطرب الروح وزخات المطر تطرز الدقائق واللحظات والهروب من كوابيس السياسة التي خنقتنا في المدن الى احضان الطبيعة في الارياف البعيدة يبدو جوهر هذا العيد.
ومع ذلك فلا بد للحظات الجميلة أن تنتهي ولابد أن نعود إلى المدن وضجيجها والاخبار العاجلة وما تحمله من كوارث وحزاوي ومكاوي صراعات السياسة.
ما يميز العيد في اليمن عن بقية دول العالم هو أن العيد اليمني معه "سُبْلة"، وعلى ذمة هذه السبلة تتوقف مصالح المواطنين ومعاملاتهم والكثير من أمورهم اليومية.
وإذا كان رأس الكسلان هو بيت الشيطان، فإن سبلة العيد هي مربط الكسل، خصوصا وأن أصحاب السبلة يصرفون لأنفسهم إجازة لا تقل عن الإجازة الممنوحة لهم من الخدمة المدنية.
ومع ذلك فالحق يقال فيما يخص الدوام المرتبط بمصالح الناس فضلا عن دراسة الأولاد وتعويض ما ضاع من أيام دراسية قبل العيد ربما يتعين على وزارة الخدمة المدنية استعارة منشار قانوني لقطع سبلة العيد، التي تتسبب في تجاوز القانون وتعطيل مصالح الناس وإيقاف معاملاتهم.
ومعروف أن الكثير من الموظفين يقلبون أنفسهم "مشايخ"، فلا تجد لديهم التزاما ولا مسؤولية، بل إن منهم من يتعامل باستهتار مع مصالح الناس ومعاملاتهم، فتجد موظفين يعانون من عقدة النقص، فيُعقِّدون معاملات الناس لكي يشعروا ببعض الهيبة، وآخرين يتصرفون في مواقعهم الوظيفية وكأنها دكاكين خاصة ورثوها عن آبائهم، فتجد مواطنا مسكينا تزهق روحه وهو يلاحق الموظف الذي عنده الختم، أو موظف الأرشيف، أو مسؤول الدمغات... وآخرين متخصصين في اختراع اللفات والحركات وتدويخ المعاملين للحصول على "حق بن هادي"، وهؤلاء ممثلون بارعون، يحولون المعاملات إلى أفلام هندية من بطولتهم وإخراجهم.
قُصْر الكلام: الالتزام الوظيفي والإحساس بالمسؤولية ووجود رقابة حقيقية أمر مهم يخفف من معاناة الناس ويمنح الحكومة حضورا قويا في قلوب الناس.
قد يقول قائل: اضبطوا الموظفين الكبار وسينضبط الصغار. وهذا صحيح؛ ولكن إذا كان مديرك في العمل سارقا أو مرتشيا أو غير ملتزم فلا يعني ذلك أن تكون مثله سيئا، إن كان ضميرك حيا. بالعكس، هذا دافع لأن تكون نموذجا طيبا.
إذا كنت، وأنت موظفا صغيرا، تعذب الناس "سيرة جية"، وتهبش، وتلطش، وتداوم بمزاجك، وتغيب بكيفك، على طريقة: "خلا لك الجو فبيضي واصفري"؛ فهذا يعني أنك جزء من الخلل والعطب والفساد، فأنت مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى عن كل ما يقع تحت مسؤوليتك، والفساد مثل الخمر: ما أسكر قليله فكثيره حرام.
عيدكم سعيد سواء كان بسبلة أو بدون !
اذكروا الله وعطروا قلوبكم الصلاة على النبي
اللهم ارحم أبي وأسكنه فسيح جناتك وجميع أموات المسلمين .
الثورة نت


في الجمعة 10 أكتوبر-تشرين الأول 2014 06:10:00 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1884