|
كان الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي يخطب في مدينة ذمار.. مستحضراً الحميمية التي تجمعه بتلك المدينة التي فيها نشأ وتشكل وجدانه واستوطنها ببناء منزل متواضع.. قبل قيام ثورة سبتمبر 1962م ولإحساسه بأنه يخطب بين أهله وأصدقائه فقد أسهب في خطابه وهو يتحدث عن الفاسدين والعابثين بالمال العام أو من رمز لهم بأصحاب البطون المنفوخة..
مكرراً هذه العبارة أكثر من مرة وكان يقف خلفه ضابطان أو قائدان عسكريان تتوسط كل منهما بطن أو كرش منتفخة يتضح خلالها باللياقة العسكرية المطلوبة وكان أحد الحضور في ساحة الحفل يتأملهما وهو يستمع إلى ما يقوله الرئيس عن أصحاب البطون المنفوخة.. فصرخ ذلكم المواطن بلهجته الذمارية وصوته الجهوري الذي لفت الأنظار إليه وهو يصيح مستشهدا بالقول الكريم «وضرب لنا مثلا ونسي خلقه» فتبسم الرئيس الحمدي مدركاً ما يعنيه ذلكم المواطن ولفت إلى من خلفه من القادة الذين يعنيهم المواطن عندما قال «وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه» أي انه يتحدث عن أصحاب البطون المنفوخة ولم ينظر إلى بعض القادة المقربين منه وبطونهم المنتفخة.
ظل الرئيس الحمدي يتذكر هذه «القفشة» أو التعليق الذماري ويتندر مما حدث إلى أن جاور ربه شهيدا.
تذكرت هذا الموقف والتعليق الظريف الهادف وأنا اقرأ ما أبرزته صحيفة «الأولى» في صفحتها الأخيرة من العدد الصادر يوم الثالث عشر من أكتوبر الجاري تحت عنوان «قف» وبدون أي تعليق، يقول الخبر الذي أبرزته الصحيفة نقلاً عن وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» دعت الجمهورية اليمنية الأشقاء في فلسطين إلى سرعة استكمال المصالحة والحرص على تعزيز اصطفاف مختلف فصائل وقوى الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الفارقة والفاصلة في تاريخيه.
هكذا أبرزت الصحيفة الخبر بدون أي تعليق لغرض ذكي يشير إلى الهدف الذي قصده المواطن المشار إليه وهو يصيح بأعلى صوته «وضرب لنا مثلا ونسي خلقه» أو كأن الصحيفة تريد القول بصورة غير مباشرة «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم» أما لماذا فسرت الأمر كذلك فلأني أرى كما يرى غيري- ان الجمهورية اليمنية تمر بأهم مرحلة فارقة وفاصلة في حياة شعبها ونحن اليوم في اليمن أحوج الناس إلى سرعة استكمال المصالحة والحرص على تعزيز الاصطفاف لكل القوى والتيارات في الساحة لتجاوز ما نحن فيه.
نحن من تتعالى لدينا أصوات التنادي إلى الاصطفاف والمصالحة الشاملة ومن نشكل لجانا لازالت وستظل تعمل من أجل ما اسمي بالتقريب بين التيارات السياسية في البلاد.
ونحن من نتلقى بصورة يومية من خارج الحدود نصائح الحرص على المشاركة والعيش المشترك القائم على المساواة وكذلك الاصطفاف الوطني....الخ.
وفي ظل هذا الحال تبدو الصحيفة بما أبرزته تاركة للقارئ حرية التفسير وكأنها تقول من الأجدر أن تبدأ بنفسك ثم بمن تحب.
اعتقد أن ما مررنا به ونعايشه وما استجد على الساحة كفيل بإدراك لماذا ينبغي علينا أن ننجز ما ندعو إليه من توافق وتشارك وتقارب ومصالحة عبر الخطابات والبيانات واللجان التي يفترض أن تكون قد أنجزت ما أنشئت له أو من أجله.
في الجمعة 17 أكتوبر-تشرين الأول 2014 08:37:48 ص