|
سياقات حلحلة الأزمة ليس ثمّة وضع خطير واستثنائي كالوضع الذي يعيشه اليمن راهناً، سواء من حيث محاولة تعطيل الأداء المؤسّسي لمنظومة وسلطات الحكم المختلفة أو من حيث الدأب على ضرب المؤسّسة العسكرية والأمنية لتحييد دورها وتجنيبها عن أداء رسالتها الوطنية، فضلاً عن محاولة تعطيل مخرجات التسوية السياسية التي ارتضتها مختلف المكوّنات السياسية والمجتمعية خلال الفترة المنصرمة، وهو ما يطرح تساؤلات عن الأهداف والنوايا التي تقف وراء تحويل اليمن إلى دولة فاشلة.
ولا شك أن مثل هذا الوضع الذي يعيشه اليمن راهناً سوف يلقي – بالنتيجة – بتبعات سلبية إضافية على مستقبل تماسك ووحدة وكيان المجتمع، وهو ما نشهده اليوم – مع الأسف الشديد – من تنامي أصوات الانغلاق والدعـوة إلى التشظّي والتشطير؛ الأمـر الذي يستوجب من كـافة القوى السياسية
والنُخب المجتمعية على الساحة الوطنية التعجيل بترجمة اتفاق السلم والشراكة عطفاً على مجمل التوافقات السابقة المتصلة بمخرجات الحوار الوطني ومعطيات التسوية السياسية القائمة أساساً على المبادرة الخليجية؛ وذلك دون انتقاص أو انتقائية وعلى النحو الذي يساعد على إعادة تطبيع الأوضاع الداخلية التي لا تسر – كما هو واضح - عدوّاً ولا حبيباً..!!.
وبطبيعة الحال فإن أحداً لا يعتقد أن هذا الصمت المريب تجاه محاولات تفريغ الدولة من مضمونها ودورها في ما يسمّيه البعض بالانقلاب الأبيض، سوف يضفي حالة من الاطمئنان والاستقرار على مسار التجربة اليمنية المتفرّدة التي كانت إلى وقت قريب يشار إليها باعتبارها أنموذجاً غير مسبوق على مستوى دول ثورات الربيع العربي، بل إن هذا المنحى سيقود إلى مخاطر تمثّل في مجملها سبباً رئيساً لانهيار التجربة برمتها.
***
وفي هذا السياق، لا أخال المهندس خالد بحاح المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة مخطئاً وهو يُذَّكر الأسرة الأممية بدورها ومسؤولياتها تجاه ضرورة استمرار الوقوف إلى جانب اليمن، فضلاً عن تأكيداته الواضحة بسرعة انسيابية تمويلات المانحين لليمن خلال ما تبقّى من العام الجاري؛ باعتبار أن معضلة اليمن الرئيسة هي اقتصادية بحتة، إذ أن إشارة رئيس الوزراء المكلّف في هذا التوقيت الذي يسبق تحمّله المسؤولية يدلّل على خاصية واستثنائية المرحلة التي لا يمكن أن يقوم لليمن قائمة ما لم تتضافر الجهود الوطنية والأممية في استكمال مساندة التجربة والوقوف إلى جانبها قولاً وعملاً على درب الاصطفاف لتجاوز الراهن من التحديات والتأسيس للمستقبل الذي يتطلّع إليه كل أبناء الوطن بشغف وترقُّب.
في الإثنين 20 أكتوبر-تشرين الأول 2014 08:01:39 ص