كل متلفّت لا يصل..!!
كاتب/فتحي أبو النصر
كاتب/فتحي أبو النصر
الصوفية مقاومة، الصوفية تجاوز، إنها احتدام المعرفة بالمعرفة للتخفُّف من ثقل العالم «كل متلفّت لا يصل» تلك مقولة فلسفية تمثّل جوهر الفعل الصوفي.
والفعل الصوفي هو ما يعلّمنا الاستغراق في اللحظة التالية من خلال تمثلات الأنا والآخر في اللحظة ذاتها؛ لذلك فإن هذا الوعي الكثير بالوجود والعدم معاً هو الوعي الأجدر بمسألة الإدراك وقيمة ما وراء الإدراك في خضم اتضحات الغموض بالضرورة.
من هنا فإن الصوفية ابتكار آخر للحضور في الغياب عبر الغياب في الحضور أيضاً؛ فمن وسط العتمة الروحية تسطع الالتماعة الصوفية كقنديل مسحور.
 والصوفي ذو أجنحة، والصوفي تتلوّن داخله كل موسيقى يسمعها، والصوفي يعشق حتى كارهيه، والصوفي لا محدود الحدوس، والصوفي يحط في كل الأمكنة، والصوفي لا يتكرّر، والصوفي ما فوق الزمان، والصوفي مثل الشك في اليقين ومثل اليقين في الشك، والصوفي بلا وطن وبلا منفى، والصوفي شوق الجندي المحارب لحبيبته البعيدة، والصوفي ذهول العابر الكثيف من فكرة الخلود المراقة، والصوفي رائحة الأرض بعد المطر، والصوفي غيبوبة المعنى في يقظة المعنى، والصوفي وليمة الأشواك لزهور العزاء، والصوفي شهقة البنت في الانتباهة الأولى لنهديها، والصوفي انتشاء البخور في ثمالة المجمرة، والصوفي يخلع نعليه ويمشي بخفّة في البياض اللا نهائي دائماً.
fathi_nasr@hotmail.com

في الثلاثاء 28 أكتوبر-تشرين الأول 2014 01:21:38 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1961