حتى لا تندثر الحزبية
كاتب/عبدالله الدهمشي
كاتب/عبدالله الدهمشي
إذا كانت الأحزاب هي أدوات العمل السياسي في الدول المتقدمة, فإنها في الدولة النامية إضافة إلى ذلك أدوات التحديث السياسي والتنمية المستدامة, وتكتسب الأحزاب أهميتها, حين تشهد الدول النامية انتقالاً سياسياً ورسمياً نحو الديمقراطية, لأن المواطنة والتعددية وسلمية الصراع على السلطة وتداولها تتأطر مؤسسسياً في هيئات منظمة محور بنيتها ووظيفتها مرتكزة على التنظيم الحزبي. 
نقول هذا تمهيداً لتناول الوضع الراهن للخارطة الحزبية وتجربتها الناشئة في اليمن منذ العام 1990م, حين قام النظام السياسي للجمهورية اليمنية على التعددية الحزبية, وهو وضع يشير بكل معطياته الصريحة والضمنية إلى خطر يتهدد الأحزاب اليمنية بالانحسار والزوال أو لأشكالها القائمة والبالية لصالح حركة تغيير قد تعيد بناء الخارطة الحزبية بأسس حديثة ومغايرة ومواكبة للتطورات المتحركة في مجالات التنظيم والإدارة والتواصل والقيادة. 
تعرضت الخارطة الحزبية في اليمن لعواصف من الأحداث المتسارعة, أثرت سلباً على وجود الأحزاب ودورها في مسارات الأحداث وحركتها باتجاه التغيير, نرصدها أهمها بإيجاز: 
- أولا: جاءت الانتفاضة الشعبية في العام 2011م لتكشف عجز الأحزاب اليمنية عن إدراك معطيات الواقع وعن الاستجابة الايجابية لمتغيراته المفاجئة على الصعيدين: السياسي والمجتمعي, وهكذا تجلى العجز الحزبي في صور الخلل الظاهر في الأداء الحزبي عموماً وفي إدا رته لانتفاضة الجماهير وبلورة إرادتها المنتصرة لتغيير النظام السياسي القائم في مشروع شامل وبرنامج عمل متكامل. 
- ثانياً: أفرزت المشاركة الحزبية في حكومة الوفاق الوطني تجربة فاشلة لهذه الأحزاب في إدارة العملية الانتقالية إدارة تحقق مطالب التغيير وتقدم الأنموذج العملي المعبر عن الرشد السياسي في الحكم وعن النزاهة والاصلاح في مؤسسات الحكومة وإدارتها. 
- ثالثاً: انتهت التجربة الحزبية في حكومة الوفاق بفشل ذريع ظهر من خلال العزلة الشعبية للأحزاب لصالح صعود تنظيم فئوي مثلته جماعة أنصار الله وتعبيراتها العقائدية والفردية, وهو صعود يضاف الى الحراك الجنوبي في وضع كامل الدلالة على خروج الأحزاب من المعادلة الصراعية حول أهم ملفات الأزمة الوطنية: صعدة والقضية الجنوبية. 
الحراك الجنوبي كان منذ نشأته دلالة على فراغ حزبي في القضية الجنوبية, والحركة الحوثية كانت إضافة قوية لهذه الدلالة, واليوم يبدو الوضع الوطني مؤطراً بقوة وجماعات لا محل معها للأحزاب, وهو ما يعرض الانتقال الديمقراطي المنشود لمخاطر الفشل والانتكاس إذا غابت عن خارطة حركته الأحزاب والمجتمع المدني, وهيمنت الانتماءات الفئوية والجهوية على المجال السياسي برمته خصوصا وأن الريف يظهر في هذه الحركة الفئوية والجهوية قائدا للمدينة ومهيمنا على حركتها . 

albadeel.c@gmail.com 


في الأحد 02 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 08:22:24 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1984