|
رغم تباين الموقف إزاء تعامل جماعة «أنصار الله» مع الاستحقاقات الداخلية في الآونة الأخيرة وحسم خلافاتها بقوة السلاح لفرض سياسة الأمر الواقع على مسرح الأداء السياسي، إلاّ أنني أميل إلى الاعتقاد أن هذا التدخُّل كان ضرورياً لانتشال تجربة التحوّل السياسي من عنق الزجاجة التي وصلت إليها بفعل إعادة إنتاج مراكز القوى إلى الواجهة والتي كانت إلى وقت قريب ثورة 11 فبراير 2011م قد تجاوزتها.
ولما كانت المخاوف مبرّرة وموضوعية تجاه رفض التحرُّك الحوثي المسلّح، إلاّ أن ثمة قناعات تبلورت مؤخراً من أن هذا التحرُّك كان مهمّاً وذلك على مسارات متعدّدة؛ لعـل في طليعتها إعادة التوازن لتمثيل القوى السياسية والمكوّنات المجتمعية في السلطة، فضلاً عن الحاجة إلى اقتلاع شوكة الإرهاب وتجفيف منابعه، خاصة أن هذه الظاهرة كانت – ولاتزال – تلقي بتبعات سلبية على مجمل حركة التغيير والتحوُّل في المجتمع وتحديداً على صعيد تعطيل اضطراد تجربة إعادة بناء الدولة على أسس من العدل والحرية والمساواة والحكم الرشيد.
في تقديري الشخصي إن مسؤولية هذه الحركة حاضراً ومستقبلاً تتطلّب المزيد من الترشيد في الخطابين السياسي والإعلامي لتعزيز الثقة بين مختلف المكوّنات وهذا الفريق، فضلاً عن إعادة النظر في هذا الخطاب لجهة إزالة مجمل الشكوك في الداخل اليمني والمحيط الجغرافي من أن هذه الحركة تحمل أجندات طائفية وإقليمية، وأنها فصيل وطني أصيل ضمن مجموعة العمل جدّياً مع باقي الشركاء في رسم ملامح الوطن الجديد.. ربما تجلّت هذه النوايا الصادقة في خطوات عملية، ابتداءً من توقيع اتفاق السلم والشراكة بينما رصاص تلك الأزمة لم يتوقف بعد، ثم تجلّى ذلك أيضاً في تصريحات القيادات الحوثية الإيجابية وبخاصة إزاء التحمُّس لقضية الجنوب العادلة من خلال العمل الدؤوب لرفع المظالم التي لحقت بأبناء هذا الجزء الغالي من جغرافيا اليمن، فضلاً عن الخطاب الذي يحكم فلسلفة هذه الحركة على صعيد التأكيد على ضرورة تجفيف منابع الفساد وتصحيح الاختلالات في الوظيفة العامة وبما يعيد إلى اليمنيين ألق الإبداع وروح المثابرة والثقة بالقدرة الذاتية التي يمتلكها أبناء الشعب وسط هذه الحلكة التي تعيشها الأمة.
وإجمالاً فإننا سنحتاج إلى مزيد وقت لاختبار هذه الشعارات على أرض الواقع، آملين أن تأتي ثمارها يانعة في القريب العاجل وبحيث تستطيع هذه الحركة إصلاح ما أفسده الدهر في هذا البلد.
غداً: مخاطر التلويح بالخيارات المفتوحة.
في الإثنين 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 08:29:32 ص